[ 30 ] وسراج منير، وشفيع وحبيب، فعند ذلك انشق القلم من حلاوة ذكر محمد صلى الله عليه وآله، ثم قال القلم: السلام عليك يا رسول الله، فقال الله تعالى: وعليك السلام مني ورحمة الله وبركاته، فلأجل هذا صار السلام سنة، والرد فريضة، ثم قال الله تعالى: اكتب قضائي وقدري، وما أنا خالقه إلى يوم القيامة، ثم خلق الله ملائكة يصلون على محمد وآل محمد، ويستغفرون لامته إلى يوم القيامة، ثم خلق الله تعالى من نور محمد صلى الله عليه وآله الجنة، وزينها بأربعة أشياء: التعظيم، والجلالة، والسخاء، والامانة، وجعلها لاوليائه وأهل طاعته، ثم نظر إلى باقي الجوهرة بعين الهيبة فذابت، فخلق من دخانها السماوات، ومن زبدها الارضين، فلما خلق الله تبارك وتعالى الارض صارت تموج بأهلها كالسفينة، فخلق الله الجبال فأرساها (1) بها، ثم خلق ملكا " من أعظم ما يكون في القوة فدخل تحت الارض، ثم لم يكن لقدمي الملك قرار فخلق الله صخرة عظيمة وجعلها تحت قدمي الملك، ثم لم يكن للصخرة قرار فخلق لها ثورا " عظيما " لم يقدر أحد ينظر إليه لعظم خلقته وبريق عيونه، حتى لو وضعت البحار كلها في إحدى منخريه ما كانت إلا كخردلة ملقاة في أرض فلاة، فدخل الثور تحت الصخرة وحملها على ظهره وقرونه، واسم ذلك الثور لهوتا، ثم لم يكن لذلك الثور قرار فخلق الله له حوتا " عظيما "، واسم ذلك الحوت به موت. فدخل الحوت تحت قدمي الثور فاستقر الثور على ظهر الحوت (2)، فالارض كلها على كاهل الملك، والملك على الصخرة، ________________________________________ (1) من أرسى الوتد في الارض: ضربه فيها، وذلك إشارة إلى قوله تعالى: (والجبال أوتادا)، أو المعنى أثبتها به، كما يثبت السفينة بالدسر والمسامير لئلا تنفسخ أجزاؤها. وتتفرق كل جزء منها في الجو. (2) قد ورد هذا التفصيل في أخبار من العامة، ولعل مصنف الانوار أخذه من طريقهم، وهو يخالف العلم الحاصل لنا من القرآن العظيم وأخبار النبي والولى عليهم صلوات الله وسلامه و غيرهما الذى يدل على أن الارض قائمة بنفسها غير محمولة ولا موضوعة على شئ، تتحرك في الفضاء، كما يشير إليه قوله تعالى: (والجبال أوتادا) إذ لو كانت مثبتة على شئ لما احتاجت إلى وتد، وكقوله تعالى: (وألقى في الارض رواسي أن تميد بكم) أو (أن تميد بهم) كما في سورة الانبياء وكقوله تعالى: (ألم نجعل الارض مهادا " والجبال أوتادا ") وغير ذلك من الايات الدالة على ذلك، وكقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (نور السماوات والارضين وفاطرهما ومبتدعهما بغير عمد خلقهما فاستقرت الارضون بأوتادها فوق الماء) وقال في دعاء وداع شهر رمضان: (وبسط الارض - > ________________________________________