[ 32 ] الثالث: أن دخولهم عليه كان فتنة لداود إلا أنه عليه السلام استغفر لذلك الداخل العازم على قتله، وقوله: " فغفرنا له ذلك " أي لاحترام داود عليه السلام وتعظيمه انتهى. (1) وقال البيضاوي: أقصى ما في هذه الاشعار بأنه عليه السلام ود أن يكون له ما لغيره وكان له أمثاله، فنبهه الله بهذه القضية فاستغفر وأناب عنه. انتهى. (2) أقول: لما ثبت بما قدمنا عصمتهم عليهم السلام عن جميع الذنوب (3) لابد من رد ما يدل على صدور ذنب عنه عليه السلام في ذلك، وأما الوجوه التي يمكن حملها على ترك الاولى والافضل كأكثر الوجوه السالفة فهي محتملة، ولا يمكن القطع بها إلا بعد ثبوتها، وقد عرفت ما يظهر من الاخبار والله يعلم حقيقة الحال. (4) ________________________________________ (1) مفاتيح الغيب 7: 137. (2) أنوار التنزيل 2: 343. (3) راجع 11: 72 - 96. (4) وقد ذكر هذه الوجوه الشريف المرتضى رضوان الله تعالى عليه في كتاب تنزيه الانبياء ص 91 ممن جوز على الانبياء الصغائر ثم عقبها بقوله: وكل هذه الوجوه لا يجوز على الانبياء عليهم السلام، لان فيها ما هو معصية وقد بينا أن المعاصي لا تجوز عليهم، وفيها ما هو منفر وان لم يكن معصية مثل أن يخطب امرأة قد خطبها رجل من أصحابه فتقدم عليه وتزوجها، وأما الاشتغال عن النوافل فلا يجوز أن يقع عليه عتاب لانه ليس بمعصية ولا هو ايضا منفر، فاما من زعم أنه عرض اوريا للقتل وقدمه أمام التابوت عمدا حتى يقتل فقوله أوضح فسادا من أن يتشاغل برده، وقد روى عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: لا اوتى برجل يزعم أن داود عليه السلام تزوج بامرأة اوريا إلا جلدته حدين: حد النبوة وحد الاسلام انتهى. وذكر في معنى الاية ما ذكره الطبرسي وبعض ما ذكره الرازي أخيرا. قلت: قوله في الاشتغال بالنوافل: فلا يجوز أن يقع عليه عتاب، قلت: هو كذلك في أفراد الامة، وأما بالنسبة إلى الانبياء والصديقين والابرار فهم ربما بعاتبون على ترك الاولى وفعل ما كان تركه الاولى، وعلى أي فأصح الوجوه ما تقدم عن الرضا عليه السلام في الخبر الثاني. ________________________________________