[ 452 ] في مخلاته التي تكون فيها حجارته التي كان يرمي بها عن غنمه بمقذافه، (1) فلما دخل العسكر سمعهم يتعظمون أمر جالوت، فقال لهم داود: ما تعظمون من أمره فو الله لئن عاينته لاقتلنه ؟ فتحدثوا بخبره حتى ادخل على طالوت، فقال: يا فتى وما عندك من القوة وما جربت من نفسك ؟ قال: كان الاسد يعدو على الشاة من غنمي فادركه فاخذه برأسه فأفك لحيته (2) عنها فاخذها من فيه، قال: فقال: ادع لي بدرع سابغة، قال: فاتي بدرع فقذفها في عنقه فتملا منها حتى راع طالوت ومن حضره من بني إسرائيل، فقال طالوت: والله لعسى الله أن يقتله به، قال: فلما أن أصبحوا ورجعوا إلى طالوت والتقى الناس قال داود عليه السلام: أروني جالوت، فلما رآه أخذ الحجر فجعله في مقذافه فرماه فصك به بين عينيه فدمغه ونكس عن دابته، وقال الناس: قتل داود جالوت، وملكه الناس حتى لم يكن يسمع لطالوت ذكر، واجتمعت بنو إسرائيل على داود وأنزل الله عليه الزبور، وعلمه صنعة الحديد فلينه له، وأمر الجبال والطير يسبحن معه، قال: ولم يعط أحد مثل صوته، فأقام داود في بني إسرائيل مستخفيا واعطي قوة في عبادته. (3) أقول: قال صاحب الكامل: لما انقطع إلياس عن بني إسرائيل بعث الله اليسع، فكان فيهم ما شاء الله ثم قبضه الله، وعظمت فيهم الاحداث وعندهم التابوت يتوارثونه فيه السكينة وبقية مما ترك (4) آل موسى وآل هارون، تحمله الملائكة، فكانوا لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت إلا هزم الله العدو وكانت السكينة شبه رأس هر فإذا صرخت في التابوت بصراخ هر أيقنوا بالنصر وجاءهم الفتح، ثم خلف فيهم ملك يقال له إيلاف، وكان الله يمنعهم ويحميهم، فلما عظمت أحداثهم نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا التابوت فاقتتلوا فغلبهم عدوهم على التابوت وأخذه منهم وانهزموا، فلما علم ملكهم أن التابوت اخذ مات كمدا، (5) ودخل العدو أرضهم ونهب وسبى وعاد فمكثوا على اضطراب ________________________________________ (1) المقذاف: آلة ترمى بها. (2) الصحيح كما في البرهان: افك لحييه عنها. (3) تفسير العياشي مخطوط وأخرجه البحراني وما تقدم في تفسير البرهان 2: 237 و 238. (4) في نسختين: وفيه ما ترك. (5) في نسختين: مات تحسرا. والكمد: الحزن والغم الشديد. ________________________________________