[ 55 ] جعل الله تعالى رزقه في إبهامه يمصه لبنا، فألقى الله حبه في قلبها وأحبه فرعون، (1) فلما أخرجوه عمدت بنت فرعون إلى ما كان يسيل من ريقه فلطخت به برصها فبرئت، فقبلته وضمته إلى صدرها، فقال الغواة من قوم فرعون: أيها الملك إنا نظن أن ذلك المولود الذي تحذر منه من بني إسرائيل هو هذا، رمي به في البحر فرقا منك، (2) فهم فرعون بقتله فاستوهبته آسية فوهبه لها، ثم قال لها: سميه، فقالت: سميته موشى لانه وجد بين الماء والشجر. قالوا: وقالت ام موسى لاخته - وكانت تسمى مريم -: قصيه، أي اتبعي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكرا ؟ أحي ابني أم قد أكلته دواب البحر ؟ ونسيت وعد الله تعالى " فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون " أنها اخته. (3) فلما امتنع أن يأخذ من المراضع ثدياقالت: " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فلما أتت بامه ثار إلى ثديها حتى امتلا جنباه، فقالت: امكثي عندي ترضعين ابني هذا، فقالت: لا أستطيع أن أدع ________________________________________ (1) إلى هنا سقط عن العرائس المطبوع بمصر. (2) أي خوفا منك. (3) في المصدر: عن جنب أي عن بعدوهم لا يشعرون أنها اخته. وفى المصدر هنا زيادة لم تكن في نسخة المؤلف قدس سره أو اراد الاختصار، ونحن نوردها بألفاظها وهى هذه: وكانت آسية قد أرسلت إلى من حولها من كل انثى بها لبن لتختار له ظئراتربى موسى، فجعل كلما أخذته امرأة منهن لترضعه لم يقبل ثديها حتى أشفقت آسية أن يمتنع من اللبن فيموت، فأحزنها ذلك فأمرت به فاخرج إلى السوق لتجتمع عليه الناس ترجو أن تصيب له ظئرا يقبلها ويأخذ ثديها ويرضع منها، فلم يقبل ثدى امرأة فذلك قوله عزوجل " وحرمنا عليه المراضع من قبل " فقالت اخت موسى حين أعياهم أمره وأعيا الظؤورة: " هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون " فأخذوها وقالوا لها: وما يدريك بنصحهم له ؟ ولعلك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله، فقالت: ما أعرفهم، وانما نصحهم له وشفقتهم عليه من أجل رغبتهم في ظؤورة الملك ورجاء منفعته، فتركوها، فانطلقت إلى امها فاخبرتها بالخبر فأتت، فلما وضعتها على ثديها في حجرها نزل اللبن من ثديها حتى ملا جنبيه، فانطلق البشير إلى آسية يبشرها أن قد وجدنا لابنك ظئرا، فارسلت إليها فأتى بها، فلما رأت ما يصنع بها قالت لها: امكثى عندي. ________________________________________