[41] العبد، تائبا مما مضى مستأنفا لما يستقبل، مع ما فيه من إخراج الاموال وتعب الابدان والاشتغال عن الاهل والولد، وحظر الانفس عن اللذات، شاخصا في الحر والبرد، ثابتا ذلك عليه دائما، مع الخضوع والاستكانة والتذلل، مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنافع في شرق الارض وغربها ومن في البر والبحر ممن بحج وممن لا يحج من بين تاجر وجالب وبائع ومشتر وكاسب ومسكين ومكار وفقير، وقضاء حوائج أهل الاطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها مع ما فيه من التفقه ونقل أخبار الائمة عليهم السلام إلى كل صقع وناحية كما قال الله عزوجل: " فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون وليشهدوا منافع لهم " (1). فان قال: فلم أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك ؟ قيل: لان الله عزوجل وضع الفرائض على أدنى القوم قوة كما قال عزوجل " فما استيسر من الهدى " (2) يعني شاة ليسع له القوي والضعيف، وكذلك ساير الفرايض إنما وضعت على أدنى القوم قوة، وكان من تلك الفرائض الحج المفروض واحدا، ثم رغب بعد أهل القوة بقدر طاقتهم. فإن قال: فلم أمروا بالتمتع إلى الحج، قيل: ذلك تخفيف من ربكم ورحمة لان يسلم الناس من إحرامهم ولا يطول ذلك عليهم، فيدخل عليهم الفساد ولان يكون الحج والعمرة واجبين جميعا فلا تعطل العمرة ولا تبطل، ولان يكون الحج مفردا من العمرة ويكون بينهما فصل وتميز. وقال النبي صلى الله عليه واله: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة، ولولا أنه صلى الله عليه واله كان ساق الهدي ولم يكن له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله لفعل كما أمر الناس ولذلك قال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتهم ولكني سقت الهدي وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، فقام إليه رجل فقال: ________________________________________ (1) سورة التوبة، الاية: 122. (2) سورة البقرة، الاية: 196. [*] ________________________________________