[ 378 ] وشرابهم فأكلوا وشربوا، فلما أن فرغوا دعوه فقالوا: يا صالح سل، فدعا صالح كبير أصنامهم فقال: ما اسم هذا ؟ فأخبروه باسمه، فناداه باسمه فلم يجب، فقال صالح: ماله لا يجيب ؟ فقالوا له: ادع غيره، فدعاها كلها بأسمائها فلم يجبه واحد منهم ! فقال: يا قوم قد ترون قد دعوت أصنامكم فلم يجبني واحد منهم فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة، فأقبلوا على أصنامهم فقالوا لها: ما بالكن لا تجبن صالحا " ؟ فلم تجب، فقالوا: يا صالح تنح عنا ودعنا وأصنامنا قليلا "، قال: فرموا بتلك البسط التي بسطوها، وبتلك الآنية وتمرغوا في التراب (1) وقالوا لها: لئن لم تجبن صالحا " اليوم لنفضحن، ثم دعوه فقالوا: يا صالح تعال فسلها، فعاد فسألها فلم تجبه، فقالوا: إنما أراد صالح أن تجيبه و تكلمه بالجواب، قال: فقال: يا قوم هوذا ترون قد ذهب النهار ولا أرى آلهتكم تجيبني، فاسألوني حتى أدعو إلهي فيجيبكم الساعة، قال: فانتدب له سبعون رجلا " من كبرائهم وعظمائهم والمنظور إليهم منهم فقالوا: يا صالح نحن نسألك، قال: فكل هؤلاء يرضون بكم ؟ قالوا نعم فإن أجابوك هؤلاء أجبناك، قالوا: يا صالح نحن نسألك فإن أجابك ربك اتبعناك وأجبناك وتابعك جميع أهل قريتنا، فقال لهم صالح: سلوني ما شئتم، فقالوا: انطلق بنا إلى هذا الجبل - وجبل قريب منه - حتى نسألك عنده، قال: فانطلق وانطلقوا معه فلما انتهوا إلى الجبل قالوا: يا صالح اسأل ربك أن يخرج لنا الساعة من هذا الجبل ناقة حمراء شقراء وبراء عشراء - وفي رواية محمد بن نصر: حمراء شعراء بين جنبيها ميل - قال: قد سألتموني شيئا " يعظم علي ويهون على ربي، فسأل الله ذلك فانصدع الجبل صدعا " (2) كادت تطير منه العقول لما سمعوا صوته، قال: واضطرب الجبل كما تضطرب المرأة عند المخاض ثم لم يفجأهم (3) إلا ورأسها قد طلع عليهم من ذلك الصدع، فما استتمت رقبتها حتى اجترت ثم خرج سائر جسدها ثم استوت على الأرض قائمة، فلما رأوا ذلك قالوا: يا صالح ما أسرع ما أجابك ربك ! فسله أن يخرج لنا فصيلها، قال: فسأل الله تعالى ذلك فرمت به فدب حولها، فقال: يا قوم أبقي شئ ؟ قالوا: لا انطلق بنا إلى قومنا نخبرهم ________________________________________ (1) تمرغ في التراب: تقلب. (2) أي انشق الجبل شقا. (3) في نسخة: لم يعجلهم. [ * ] ________________________________________