[ 373 ] توحيده وصدق رسوله لأنها خرجت من صخرة ملساء تمخضت بها (1) كما تتمخض المرأة، ثم انفلقت عنها على الصفة التي طلبوها، وكان لها شرب يوم تشرب فيه ماء الوادي كله وتسقيهم اللبن بدله، ولهم شرب يوم يخصهم لا تقرب فيه ماءهم، وقيل: إنما أضافها إلى الله لأنه لم يكن لها مالك سواه تعالى، قال الحسن: كانت ناقة من النوق وكان وجه الإعجاز فيها أنها كانت تشرب ماء الوادي كله في يوم " تتخذون من سهولها " السهل: خلاف الجبل، وهو ما ليس فيه مشقة على النفس، أي تبنون في سهولها الدور والقصور، وإنما اتخذوها في السهول ليصيفوا فيها (2) " وتنحتون الجبال بيوتا " " قال ابن عباس: كانوا يبنون القصور بكل موضع وينحتون من الجبال بيوتا " يسكنونها شتاء لتكون مساكنهم في الشتاء أحصن وأدفأ. ويروى أنهم لطول أعمارهم يحتاجون إلى أن ينحتوا بيوتا " في الجبال لأن السقوف والأبنية كانت تبلى قبل فناء أعمارهم " ولا تعثوا في الأرض مفسدين (3) " أي لا تضطربوا بالفساد في الأرض ولا تبالغوا فيه " للذين استضعفوا " أي للذين استضعفوهم من المؤمنين " لمن آمن منهم " بدل من قوله: " للذين استضعفوا " " فعقروا الناقة " قال الأزهري: العقر عند العرب: قطع عرقوب (4) البعير، ثم جعل النحر عقرا " لأن ناحر البعير يعقره ثم ينحره " وعتوا " أي تجاوزوا الحد في الفساد. (5) وكانت ثمود بوادي القرى بين المدينة والشام، وكانت عاد باليمن. " واستعمركم فيها " أي جعلكم عمار الأرض، أو عمرها لكم مدة أعماركم من العمرى، أو أطال فيها أعماركم، قال الضحاك: وكانت أعمارهم من ألف سنة إلى ثلاث مائة سنة أو أمركم من عماراتها بما تحتاجون إليه من المساكن والزراعات وغرس الأشجار " قد كنت فينا مرجوا " أي كنا نرجو منك الخير، فالآن يئسنا منك بإبداعك ما أبدعت، أو نظنك عونا لنا على ديننا " مريب " موجب للريبة والتهمة " رحمة " أي النبوة " غير تخسير " ________________________________________ (1) تمخضت الحامل: دنا ولادها وأخذها الطلق. (2) أي ليقيموا بها في زمن الصيف. (3) العثو: المبالغة في الفساد أو الكفر أو الكبر. (4) العرقوب: عصب غليظ فوق العقب. (5) مجمع البيان 4: 440 - 441. وفيه: في الفساد والمعصية. م [ * ] ________________________________________