[351] مع علمه بامكان اللحاق، فانه قد عرف أن جماعة كانوا مثله من الرعية [ففازوا] للسياسة العظيمة النبوية وبلغوا غايات من المقام العاليات، وفيهم من كان غلاما يخدم أولياء الله جل جلاله في الابواب، وما كان جليسا ولا نديما لهم، ولا ملازما في جميع الاسباب فما الذى يقتضي أن يرضى من جاء بعدهم بالدون، وبصفقة المغبون وأقل مراتب المراد منه أن يجري الله جل جلاله ورسوله صلوات عليه مجري صديق يحب القرب منه، ويستحيئ منه وهو حاذر من الاعراض، فإذا قال العبد: ما أقدر على هذا التوفيق، وهو يقدر عليه مع الصديق، فهو يعلم من نفسه أنه ما كفاه الرضا بالنقصان والخسران، حتى صار يتلقى الله جل جلاله و رسوله صلى الله عليه واله بالبهتان والكذب والعدوان. فصل فيما نذكره من صفات كمال الصوم من طريق الاخبار. رويت ذلك عن جماعة من الشيوخ المعتبرين إلى جماعة من العلماء الماضين وأنا أذكر لفظ محمد بن يعقوب الكليني رضي الله عنه وعنهم أجمعين (1) فقال: باسناده في كتاب الصوم من كتاب الكافي إلى محمد بن مسلم قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك، وعدد أشياء غير هذا - وقال: لا يكون يوم صومك كيوم فطرك. وباسناد محمد بن يعقوب في كتابه إلى جراح المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إن الصيام ليس من الطعام والشراب وحده، ثم قال: قالت مريم: " إني نذرت للرحمن صوما " أي صمتا. فإذا صمتم فاحفظوا ألسنتكم، وغضوا أبصاركم ولا تنازعوا ولا تحاسدوا. قال: وسمع رسول الله صلى الله عليه واله امرأة تسب جارية لها وهي صائمة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله بطعام فقال: كلي، فقالت: إني صائمة، فقال: كيف تكونين صائمة وقد سببت جاريتك ؟ إن الصوم ليس من الطعام والشراب. قال: وقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك من الحرام ________________________________________ (1) راجع ج 4 ص 87 باب أدب الصائم. (*) ________________________________________