[370] الاخرة، وليكون الصائم خاشعا ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا عارفا صابرا لما أصابه من الجوع والعطش، فيستوجب الثواب، مع ما فيه من الانكسار عن الشهوات وليكون ذلك واعظا لهم في العاجل، ورائضا لهم على أداء ما كلفهم ودليلا في الا جل، وليعرفوا شدة مبلغ ذلك على أهل الفقر والمسكنة في الدنيا، فيؤدوا إليهم ما افترض الله تعالى لهم في أموالهم. فان قال: فلم جعل الصوم في شهر رمضان خاصة دون سائر الشهور ؟ قيل: لان شهر رمضان هو الشهر الذي أنزل الله تعالى فيه القرآن، وفيه فرق بين الحق والباطل، كما قال الله تعالى: " " شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان " (1) وفيه نبئ محمد صلى الله عليه وآله وفيه ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر وفيها يفرق كل أمر حكيم، وهي رأس السنة يقدر فيها ما يكون في السنة من خير أو شر أو مضرة أو منفعة أو رزق أو أجل، ولذلك سميت ليلة القدر. فان قال: فلم امروا بصوم شهر رمضان لاأقل من ذلك ولا أكثر ؟ قيل: لانه قوة العباد الذي يعم فيه القوي والضعيف، وإنما أوجب الله تعالى الفرائض على أغلب الاشياء وأعم القوى، ثم رخص لاهل الضعف ورغب أهل القوة في الفضل، ولو كانوا يصلحون على أقل من ذلك لنقصهم، ولو احتاجوا إلى أكثر من ذلك لزادهم (2). 52 - ع: في علل ابن سنان عن الرضا عليه السلام: علة الصوم لعرفان مس الجوع والعطش، ليكون العبد ذليلا مستكينا مأجورا محتسبا صابرا فيكون ذلك دليلا على شدائد الاخرة، مع ما فيه من الانكسار له عن الشهوات، واعظا له في العاجل، دليلا على الاجل، ليعلم شدة مبلغ ذلك من أهل الفقر والمسكنة في ________________________________________ (1) البقرة: 185. (2) عيون الاخبار ج 2 ص 116 - 117. ________________________________________