[282] وتمسك القائلون بالثاني بأن حصول الثلاث سبب لتحقق حكم الكثرة، والسبب مقدم على المسبب، ولا يخفى وهنه، إذ تقدم السبب ذاتي ولا ينافي المعية الزمانية مع أن تقدم الزماني لا يخل هنا بالمقصود. ثم إذ قد عرفت أقوال مشاهير الأصحاب، فلنرجع إلى بيان مدلول صحيحة ابن أبي عمير المشتملة على بيان حد الكثرة، فاعلم أن الخبر في غاية الاجمال، و يشكل التمسك به في مقام الاستدلال، إذ الثلاث المذكور فيها لا يعلم أن المراد بها الصلوات، أو الركعات، أو أفعال الصلاة، أو مطلق الأفعال، لكن الظاهر أن المراد بها الصلوات، ثم بعد بنائه على ذلك أيضا فيه احتمالات. الأول: وهو أظهر الاحتمالات أن يكون المراد أن يسهو في كل ثلاث صلوات متواليات سهوا واحدا، ولا يكون ثلاث صلوات متواليات منه خالية عن السهو، كأن يسهو مثلا في الصبح ثم في المغرب ثم في الظهر، وهكذا. ولا يخفى أنه على هذا يظهر منه تحديد انقطاع كثرة السهو، ولا يظهر منه تحديد حصولها إذ لو كان المراد استمرار ذلك إلى آخر العمر فلا يعلم كونه كثير السهو إلا بعد موته، ولو حمل على اليوم والليلة فلا دلالة للخبر عليه، مع أنه لا يتعدد الشك فيهما، وظاهر الخبر كون ذلك في زمان يتعدد حصول الشك فيه، والتحديد بالاسبوع والشهر وغيرهما تعيين بغير دليل، فلابد من الحوالة إلى العرف، أي تكررت تلك الحالة منه بحيث يقال في العرف أن ليس ثلاث صلوات منه خالية من الشك. فعلى هذا فالخبر مستقل في تحديد الانقطاع، ولما لم يكن مستقلا في تحديد حصول كثرة السهو إلا بمعونة العرف، والعرف مستقل في أصل الحكم، فيصير الخبر من تلك الجهة خاليا عن الفايدة، فلابد أن يكون سياق الخبر لبيان حكم الانقطاع فقط، ويكون الحوالة في حصولها إلى العرف. ويمكن أن يقال: مدخلية العرف في ذلك لا يصير التحديد لغوا، إذ المراد ________________________________________