[4] وقال تعالى: فأقرؤا ما تيسر منه. تفسير: (فإذا قرأت القرآن) أي أردت قراءته، ونقل عليه الاجماع، قال في ________________________________________ = = سوره وترتيله سورة سورة، خصوصا في مستقبل أمركم حيث ينزل عليكم سائر القرآن بسوره السبع الطوال والمثاني والمئين والمفصل) فتاب عليكم (وخفف عنكم حيث كتب على نفسه الرحمة من تشريع دين سمحة سهلة) فاقرؤا ما تيسر من القرآن (أي فلا يلزمكم بعدئذ أن ترتلوا القرآن بتمامه سورة بعد سورة، بل اقرؤا ما تيسر لكم من سور القرآن، كل بحسب حاله وفراغه وذكره حتى لا يختل عليكم أمر المعاد والمعاش، والنوم واليقظة. فالمراد من قوله عزوجل: (ما تيسر من القرآن) بقرينة لفظ اليسر والمقابلة بقوله (علم أن لن تحصوه) هو سورة كاملة يتيسر قراءتها ويكون تذكرها وحفظها وتعلمها وترتيلها سهلا يسيرا، كل على حسب حاله، كما صرح بذلك في قوله عزوجل: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) حيث نزل القرآن سورة سورة وجعل لكل سورة نسقا ونضدا في ترتيب آياتها، فمن كان ذا ذكر قوى يقدر أن يحفظ أمثال سورة البقرة من السبع الطوال، ومن كان على دون ذلك يحفظ أمثال سورة الحجر من المئين ومن كان دون ذلك يحفظ أمثال سورة الرحمن من المفصل، ومن كان يغلب عليه النسيان فلا أقل من أنه يحفظ السور القصار. وقد كان تنبه لذلك من المتقدمين ابن سيرين حيث قال لرجل: لا تقل سورة خفيفة، ولكن قل سورة ميسرة لان الله يقول: (ولقد يسرنا القرآن للذكر) أخرجه ابن المنذر عنه على ما في الدر المنثور ج 6 ص 135. ثم قال عزوجل: علم أن سيكون منكم مرضى (فيشغله هم الوجع من قراءة القرآن) وآخرون يضربون في الارض (عند أسفارهم) يبتغون من فضل الله (فليس لهم كثير فراغ) وآخرون يقاتلون في سبيل الله (اشارة إلى ما سيؤل إليه أمر الامة بالقتال مع المشركين فيخافون أن يفتنهم الذين كفروا) فاقرؤا ما تيسر منه (في هذه الحالات، فانه لا أقل من قراءة سورة واحدة خفيفة يسيرة كسورة النصر ثلاث آيات، ومن رغب عن قراءة القرآن مطلقا فلا صلاة له على أي حالة كانت. ولا يذهب عليك أن هذا الحكم كان قبل نزول قوله تعالى في سورة الحجر: = = [*] ________________________________________