[35] يا موسى لا تنسني على كل حال، ولا تفرح بكثرة المال، فان نسياني يقسي القلوب، ومع كثرة المال كثرة الذنوب، الارض مطيعة، والسماء مطيعة والبحار مطيعة، وعصياني شقاء الثقلين، وأنا الرحمن الرحيم، رحمن كل زمان آتي بالشدة بعد الرخاء، وبالرخاء بعد الشدة، وبالملوك بعد الملوك، وملكي قائم دائم لا يزول، ولا يخفى علي شئ في الارض ولا في السماء، وكيف يخفى علي ما مني مبتداه، وكيف لا يكون همك فيما عندي وإلي ترجع لا محالة ؟. يا موسى اجعلني حرزك، وضع عندي كنزك من الصالحات، وخفني ولا تخف غيري إلي المصير. يا موسى ارحم من هو أسفل منك في الخلق، ولا تحسد من هو فوقك فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب. يا موسى إن ابني آدم تواضعا في منزلة لينالا بها من فضلي ورحمتي فقربا قربانا ولا أقبل إلا من المتقين فكان من شأنهما ما قد علمت فكيف تثق بالصاحب بعد الاخ والوزير. يا موسى ضع الكبر، ودع الفخر، واذكر أنك ساكن القبر فليمنعك ذلك من الشهوات. يا موسى عجل التوبة وأخر الذنب وتأن في المكث بين يدي في الصلاة ولا ترج غيري، اتخذني جنة للشدايد وحصنا لملمات الامور. يا موسى كيف تخشع لي خليقة لا تعرف فضلي عليها وكيف تعرف فضلي عليها وهي لا تنظر فيه، وكيف تنظر فيه وهي لا تؤمن به ؟ وكيف تؤمن به، وهي لا ترجو ثوابا ؟ وكيف ترجو ثوابا وهي قد قنعت بالدنيا واتخذتها مأوى، وركنت إليها ركون الظالمين ؟. (1) ________________________________________ (1) حاصله الركون إلى الدنيا والميل إليها واتخاذها وطنا ومأوى ينافى الخشوع لله إذ الركون ملزوم بعدم رجاء الاخرة لان من يرجو لقاء الله يحقر الدنيا في عينه ومن يؤمن بالله يرجو لقاءه. ________________________________________