[34] وأنا الحي الدائم الذي لا أزول. يا موسى كن إذا دعوتني خائفا مشفقا وجلا، عفر وجهك لي في التراب و اسجد لي بمكارم بدنك، واقنت بين يدي في القيام، وناجني حين تناجيني بخشية من قلب وجل، واحي بتوراتي أيام الحياة، وعلم الجهال محامدي، وذكرهم آلائي ونعمتي، وقل لهم لا يتمادون في غي ما هم فيه فان أخذي أليم شديد. يا موسى إذا انقطع حبلك مني لم يتصل بحبل غيري فاعبدني، وقم بين يدي مقام العبد الحقير الفقير، ذم نفسك فهي أولى بالذم، ولا تتطاول بكتابي على بني إسرائيل، فكفى بهذا واعظا لقلبك، ومنيرا وهو كلام رب العالمين جل وتعالى. يا موسى متى ما دعوتني ورجوتني وإني سأغفر لك على ما كان منك، السماء تسبح لي وجلا، والملائكة من مخافتي مشفقون، والارض تسبح لي طمعا، وكل الخلق يسبحون لي داخرين (1) ثم عليك بالصلاة الصلاة، فانها مني بمكان ولها عندي عهد وثيق، وألحق بها ما هو منها زكاة القربان من طيب المال والطعام فاني لا أقبل إلا الطيب، يراد به وجهي، واقرن مع ذلك صلة الارحام فإني أنا الله الرحمن الرحيم، والرحم أنا خلقتها فضلا من رحمتي ليتعاطف بها العباد، ولها عندي سلطان في معاد الاخرة، وأنا قاطع من قطعها، وواصل من وصلها، وكذلك أفعل بمن ضيع أمري. يا موسى أكرم السائل إذا أتاك برد جميل، أو إعطاء يسير، فانه يأتيك من ليس بانس ولا جان ملائكة الرحمن يبلونك كيف أنت صانع فيما أوليتك، وكيف مواساتك فيما خولتك (2) واخشع لي بالتضرع، واهتف لي بولولة الكتاب (3) واعلم أني أدعوك دعاء السيد مملوكه ليبلغ به شرف المنازل، وذلك من فضلي عليك وعلى آبائك الاولين. ________________________________________ (1) في بعض النسخ " داخرين " وهو حال عن الضمير في " يسبحون ". (2) التخويل: التمليك. (3) الولولة: صوت متتابع بالويل والاستغاثة. (*) ________________________________________