[ 54 ] والخلق، وانفرد عن علائق الدنيا فارتفعت عنه أحزانه التي كانت تلزم لتحصيلها. قوله عليه السلام: فتحامى الشرور أي اجتنبها، قال الجوهري: تحاماه الناس أن توقوه واجتنبوه. قوله: عن كل شئ " عن " للبدل، أي بدلا عن سخط كل شئ، ولا يبعد أن يكون: وسخت نفسه. بالتاء المنقوط فصحف منهم. 24 - جا: أحمد بن الوليد، عن أبيه، عن الصفار، عن ابن معروف، عن ابن مهزيار، قال: أخبرني ابن إسحاق الخراساني - صاحب كان لنا - قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول: لا ترتابوا فتشكوا، ولا تشكوا فتكفروا، ولا ترخصوا لأنفسكم فتدهنوا، ولا تداهنوا في الحق فتخسروا، وإن من الحزم أن تتفقهوا، ومن الفقه أن لا تغتروا، وإن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه، وإن أغشكم لنفسه أعصاكم لربه، من يطع الله يأمن ويرشد، ومن يعصه يخب ويندم، واسألوا الله اليقين، وارغبوا إليه في العافية، و خير ما دار في القلب اليقين، أيها الناس إياكم والكذب، فإن كل راج طالب وكل خائف هارب. بيان: لا ترتابوا أي لا تتفكروا فيما هو سبب للريب من الشبهة، أو لا ترخصوا لأنفسكم في الريب في بعض الأشياء فإنه ينتهي إلى الشك في الدين والشك فيه كفر. و لا ترخصوا لأنفسكم في ترك الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، أو مطلق الطاعات، فينتهي إلى المداهنة والمساهلة في الدين. ومن الفقه أن لا تغتروا أي بالعلم والعمل أو بالدنيا و زهراتها. قوله عليه السلام: إياكم والكذب أي في دعوى الخوف والرجاء بلا عمل فإن كل راج يعمل لما يرجوه وكل خائف يهرب مما يخاف منه. 25 - ضه: قال رسول الله صلى الله عليه واله: علماء هذه الامة رجلان: رجل آتاه الله علما فطلب به وجه الله والدار الآخرة وبذله للناس ولم يأخذ عليه طمعا ولم يشتر به ثمنا قليلا، فذلك يستغفر له من في البحور، ودواب البحر والبر، والطير في جو السماء، ويقدم على الله سيدا شريفا، ورجل آتاه الله علما فبخل به على عباد الله، وأخذ عليه طمعا، واشترى به ثمنا قليلا، فذلك يلجم يوم القيامة بلجام من نار، وينادي ملك من الملائكة على رؤوس الأشهاد: هذا فلان بن فلان آتاه الله علما في دار الدنيا فبخل به على عباده، حتى يفرغ من الحساب. ________________________________________