[59] لهذه العلة " من المهاجرين " الذين هاجروا من مكة إلى المدينة وإلى الحبشة " والانصار " أي ومن الانصار الذين سبقوا نظراءهم من أهل المدينة إلى الاسلام وقرأ يعقوب " والانصار " بالرفع فلم يجعلهم من السابقين، وجعل السبق للمهاجرين خاصة " والذين اتبعوهم باحسان " أي بأفعال الخير والدخول في الاسلام بعدهم، و سلوك منهاجهم، ويدخل في ذلك من بعدهم إلى يوم القيامة " رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري من تحتها الانهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم " قال: وفي هذه الاية دلالة على فضل السابقين ومزيتهم على غيرهم، لما لحقهم من أنواع المشقة في نصرة الدين، فمنها مفارقة العشائر والاقربين، ومنها مباينة المألوف من الدين، ومنها نصرة الاسلام مع قلة العدد وكثرة العدو، ومنها السبق إلى الايمان والدعاء إليه انتهى (1). وقال بعضهم: " السابقون الاولون من المهاجرين " هم الذين صلوا إلى القبلتين، وشهدوا بدرا، وأسلموا قبل الهجرة، ومن الانصار أهل بيعة العقبة الاولى، وكانوا سبعة نفر، وأهل بيعة العقبة الثانية وكانوا سبعون وقال بعض المخالفين كلمة " من " للتبيين فيتناول المدح جميع الصحابة قوله عليه السلام " ثم ذكر " كلمة " ثم " للتراخي بحسب المرتبة، إذ سورة البقرة نزلت قبل سورتي التوبة والحديد " فقال الله عزوجل " أي في سورة البقرة " تلك الرسل " قيل: إشارة إلى الجماعة المذكورة قصصها في السورة، أو المعلومة للرسول أو جماعة الرسل واللام للاستغراق، " فضلنا بعضهم على بعض " بأن خصصناه بمنقبة ليست لغيره " منهم من كلم الله " تفصيل له وهو موسى، وقيل موسى ومحمد صلى الله عليهما كلم موسى ليلة الحيرة وفي الطور، ومحمدا ليلة المعراج حين كان قاب قوسين أو أدنى، وبينهما بون بعيد، وفي المصاحف " ورفع بعضهم درجات " وليس فيها " فوق بعض " (2) فالزيادة إما من الرواة أو النساخ ويؤيده عدمها في رواية النعماني ________________________________________ (1) مجمع البيان ج 5 ص: 64. (2) راجع سورة البقرة: 253. ________________________________________