[ 227 ] جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك ؟ واعرف الدنيا وانبذها وراءك، فإنها ليست لك بدار، ولا لك فيها محل قرار، وإنها جعلت بلغة للعباد ليتزودوا منها للمعاد، يا موسى وطن نفسك (1) على الصبر تلقي الحلم، واشعر قلبك بالتقوى تنل العلم، ورض نفسك على الصبر تخلص من الاثم. يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكونن مكثارا (2) بالمنطق مهذارا (3) إن كثرة المنطق تشين العلماء، وتبدي مساوي السخفاء ولكن عليك بذي اقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجهال، واحلم عن السفهاء فإن ذلك فضل الحلماء وزين العلماء، وإذا شتمك الجاهل فاسكت عنه سلما، وجانبه حزما فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكثر. يا ابن عمران لا تفتحن بابا لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن بابا لا تدري ما فتحه، يا ابن عمران من لا ينتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي فيها رغبته كيف يكون عابدا ؟ ومن يحقر حاله ويتهم الله بما قضى له كيف يكون زاهدا ؟ يا موسى تعلم ما تعلم لتعمل به ولا تعلم لتحدث به فيكون عليك بوره، ويكون على غيرك نوره. بيان: قال في الفائق: البور بالضم جمع بوار (4) وبالفتح المصدر، وقد يكون المصدر بالضم أيضا. 19 - مع، ج، ع: الدقاق، عن الاسدي، عن صالح بن أبي حماد، عن أحمد ابن هلال، عن ابن أبي عمير، عن عبد المؤمن الانصاري، قال: قلت لابي عبد الله (عليه السلام): إن قوما يروون أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: اختلاف أمتي رحمة فقال: صدقوا. فقلت: إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال: ليس حيث تذهب وذهبوا، إنما أراد قول الله عزوجل: فلو لا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم ________________________________________ (1) أي هيأ نفسك واحملها على الصبر. (2) المكثار: كثير الكلام. (3) رجل مهذار هاذر أي يخلط في منطقه ويتكلم بما لا ينبغي. (4) وهو الهلاك والكساد. ________________________________________