[9] أن لا يسميه أمير المؤمنين، وأن إمرته زالت عنه وعنهم، وأفسد حكمه عليه وعليهم. ثم سوغ الحسن عليه السلام بشرطه عليه أن لا يقيم عنده شهادة، للمؤمنين القدوة منهم به في أن لا يقيموا عنده شهادة فتكون حينئذ داره دائرة وقدرته قائمة لغير الحسن ولغير المؤمنين، فتكون داره كدار بخت نصر وهو بمنزلة دانيال فيها وكدار العزيز وهو كيوسف فيها. فان قال: دانيال ويوسف عليهما السلام كانا يحكمان لبخت نصر والعزيز، قلنا: لو أراد بخت نصر دانيال والعزيز يوسف أن يريقا بشهادة عمار بن الوليد، وعقبة بن أبي معيط، وشهادة أبي بردة بن أبي موسى، وشهادة عبد الرحمن بن أشعث بن قيس دم حجر بن عدي بن الأدبر وأصحابه رحمهم الله وأن يحكما له بأن زيادا أخوه وأن دم حجر وأصحابه مراقة بشهادة من ذكرت، لما جاز أن يحكما لبخت نصر والعزيز، والحكم بالعدل يرمي الحاكم به في قدرة عدل أو جائر ومؤمن أو كافر لا سيما إذا كان الحاكم مضطرا إلى أن يدين للجائر الكافر، والمبطل والمحق بحكمه. فإن قال: ولم خص الحسن عليه السلام عد الذنوب إليه وإلى شيعة علي عليه السلام وقدم أمامها قتله عبد الله بن يحيى الحضرمي وأصحابه، وقد قتل حجرا وأصحابه وغيرهم ؟ قلنا: لو قدم الحسن عليه السلام في عده على معاوية ذنوب حجر وأصحابه على عبد الله بن يحيى الحضرمي وأصحابه لكان سؤالك قائما فتقول: لم قدم حجرا على عبد الله بن يحيى وأصحابه أهل الأخيار والزهد في الدنيا والاعراض عنها فأخبر معاوية بما كان عليه ابن يحيى وأصحابه من الخرق (1) على أمير المؤمنين عليه السلام وشدة حبهم إياه، وإفاضتهم في ذكره وفضله، فجاء بهم وضرب أعناقهم صبرا. ومن أنزل راهبا من صومعته فقتله بلا جناية منه إلى قاتله أعجب ممن يخرج ________________________________________ (1) في النسخ المطبوعة وهكذا المصدر ص 205 " الحزق " وهو بمعنى المنع والقبض ولعل الصحيح: " الحرق " من الحرارة والحب الشديد. ________________________________________