[8] لم يكن للبر إمام بر قاهر أو مقهور، فمات ميتة جاهلية، إذا مات وليس يعرف إمامه. فان قيل: فما تأويل عهد الحسن عليه السلام وشرطه على معاوية بأن لا يقيم عنده شهادة لا يجاب الله عليه عز وجل إقامة الشهادة بما علمه، قبل شرطه على معاوية [بأن لا يقيم عنده شهادة] قيل: إن لاقامة الشهادة من الشاهد شرائط: وهي حدودها التي لا يجوز تعد يها لأن من تعدى حدود الله عزوجل فقد ظلم نفسه، وأوكد شرائطها إقامتها عند قاض فصل، وحكم عدل، ثم الثقة من الشاهد أن يقيمها عند من يجر (1) بشهادته حقا ويميت بها أثرة، ويزيل بها ظلما، فإذا لم يكن من يشهد عنده سقط عنه فرض إقامة الشهادة. ولم يكن معاوية عند الحسن عليه السلام أميرا أقامه الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وآله أو حاكما من ولاة الحكم، فلو كان حاكما من قبل الله وقبل رسوله، ثم علم الحسن عليه السلام أن الحكم هو الأمير، والأمير هو الحكم، وقد شرط عليه الحسن أن لا يؤمر، حين شرط ألا يسميه أمير المؤمنين، فكيف يقيم الشهادة عند من أزال عنه الامرة بشرط أن لا يسميه أمير المؤمنين، وإذا زال ذلك عنه بالشرط أزال عنه الحكم، لأن الأمير هو الحاكم، وهو المقيم للحاكم، ومن ليس له تأمير ولا تحاكم، فحكمه هذر، ولا تقام الشهادة عند من حكمه هذر. فان قال: فما تأويل عهد الحسن عليه السلام على معاوية وشرطه عليه أن لا يتعقب على شيعة علي عليه السلام شيئا ؟ قيل: إن الحسن عليه السلام علم أن القوم جوزوا لأنفسهم التأويل، وسوغوا في تأويلهم إراقة ما أرادوا إراقته من الدماء، وإن كان الله عز وجل حقنه، وحقن ما أرادوا حقنه، وإن كان الله عز وجل أراقه في حكمه. فأراد الحسن عليه السلام أن يبين أن تأويل معاوية على شيعة علي عليه السلام بتعقبه عليهم ما يتعقبه زائل مضمحل فاسد، كما أنه أزال إمرته عنه وعن المؤمنين، بشرط ________________________________________ (1) عند من يحيى بشهادته حقا. ظ، بقرينة قوله " يميت " وما في الصلب مطابق للنسخ والمصدر. ________________________________________