[ 156 ] فرحهم بقدر رأفته ورحمته، فما ظنك بالرؤوف الرحيم الذي يتودد إلى من يؤذيه بأولياءه ؟ فكيف بمن يؤذي فيه ؟ وما ظنك بالتواب الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ؟ فكيف بمن يترضاه ويختار عداوة الخلق فيه ؟. بيان: السباع الضارية أي المولعة بالافتراس المعتادة له. وحزبه أمر أي نزل به وأهمه. قوله (عليه السلام): وإياك أن تغلب الحكمة كذا في النسخة التي عندنا، ولعل فيه حذفا وإيصالا، أي تغلب على الحكمة، أي يأخذها منك قهرا من لا يستحقها بأن يقرأ على صيغة المجهول، أو على المعلوم أي تغلب على الحكمة فإنها تأبى عمن لا يستحقها، ويحتمل أن يكون بالفاء من الافلات بمعنى الاطلاق، فإنهم يقولون: انفلت مني كلام أي صدر بغير روية. قوله: فتلطف له في النصيحة أي تذكر له شيئا من تلك الحكمة بلطف على وجه الامتحان. والافاقة: الرجوع عن السكر والاغماء والغفلة إلى حال الاستقامة. قوله: يؤذيه بأولياءه أي بسبب إيذاءهم، وترضاه أي طلب رضاه. يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الآخرة من قلبه، وما اوتي عبد علما فازداد للدنيا حبا إلا ازداد من الله بعدا وازداد الله عليه غضبا. يا هشام إن العاقل اللبيب من ترك ما لا طاقة له به، وأكثر الصواب في خلاف الهوى، ومن طال أمله ساء عمله. يا هشام لو رأيت مسير الاجل لالهاك عن الامل. بيان: اللبيب: العاقل (1) والتوصيف للتوضيح والتأكيد، وألهاك: أي أغفلك. يا هشام إياك والطمع، وعليك باليأس مما في أيدي الناس، وأمت الطمع من المخلوقين، فان الطمع مفتاح الذل، واختلاس (2) العقل، وإخلاق المروات، وتدنيس ________________________________________ (1) اللب: العقل الخالص من الشوائب، أو ما ذكا من العقل، فكل لب عقل ولا يعكس، واللبيب من كان ذا لب، فكل لبيب عاقل، ولا يعكس. (2) الاختلاس: الاختطاف بسرعة على غفلة بخلاف الاستلاب فانه لا يشترط فيه الغفلة. ________________________________________