‹ صفحة 49 › ودعا رؤوسهم ووجوههم فسألهم عن رأيهم وما الذي يثبطهم ، فمنهم المعتل ومنهم المنكر وأقلهم النشيط ، فقام فيهم ثانية فقال : عباد الله ! ما لكم إن أمرتكم أن تنفروا اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ثوابا ؟ وبالذل والهوان من العز خلفا ؟ وكلما ناديتكم إلى الجهاد دارت أعينكم كأنكم من الموت في سكرة ، يرتج عليكم [ حواري ] فتبكون ، ( 1 ) فكأن قلوبكم مألوسة فأنتم لا تعقلون ، وكأن أبصاركم كمه فأنتم لا تبصرون ، لله أنتم ! ما أنتم إلا اسود الشرى في الدعة ، وثعالب رواغة حين تدعون ، ما أنتم بركن يضال به ولا زوافر عز يعتصم إليها . لعمر الله لبئس حشاش نار الحرب أنتم . إنكم تكادون ولا تكيدون ، وتنتقص أطرافكم ولا تتحاشون ، ولا ينام عنكم وأنتم في غفلة ساهون . إن أخا الحرب اليقظان ، أودى من غفل ، ويأتي الذل من وادع ، غلب المتخاذلون والمغلوب مقهور ومسلوب . أما بعد ، فإن لي عليكم حقا ولكم علي حق ، فأما حقي عليكم فالوفاء بالبيعة ، والنصح لي في المشهد والمغيب ، والإجابة حين أدعوكم ، والطاعة حين آمركم . وأما حقكم ( 2 ) علي فالنصيحة لكم ما صحبتكم ، والتوفير عليكم وتعليمكم كيلا تجهلوا ، وتأديبكم كي تعلموا ، فإن يرد الله بكم خيرا تنزعوا عما أكره ، وترجعوا إلى ما أحب تنالوا ما تحبون وتدركوا ما تأملون . وعن الفضل بن دكين عن أبي عاصم الثقفي عن أبي عون الثقفي قال : جاءت امرأة من بني عميس [ عبس " خ " ] وعلي عليه السلام على المنبر فقالت : _____________________________________________ ( 1 ) كذا في الأصل المطبوع عدا ما وضعناه بين المعقوفين ، وفي المختار : ( 34 ) من نهج البلاغة : يرتج عليكم حواري فتعمهون وفي الأصل المطبوع : فتبكمون . ( 2 ) هذا هو الظاهر من السياق ، وفي أصلي : وإن حقكم علي . . . ) .