‹ صفحة 43 › إنسان ، فبكت إليه النساء والصبيان ، وتصايح الرجال وسألوا أن يشتريهم ويعتقهم ، فابتاعهم بخمسمائة ألف درهم . فأرسل إليه أمير المؤمنين أبا حرة الحنفي ليأخذ منه المال ، فأدى إليه مائتي ألف درهم وعجز عن الباقي فهرب إلى معاوية . فقيل له عليه السلام : أردد الأسارى في الرق . فقال : ليس ذلك في القضاء بحق ، قد عتقوا إذ أعتقهم الذي اشتراهم ، وصار مالي دينا عليه . أقول : فعلى الرواية الأولى كانوا من المرتدين عن الإسلام ولا يجوز سبي ذراريهم عندنا وعند الجمهور أيضا ، إلا أن أبا حنيفة قال بجواز استرقاق المرأة المرتدة إذا لحقت بدار الحرب . وأيضا ما فيها من أنه قدم بالأسارى إلى علي عليه السلام ، يخالف المشهور من اشتراء مصقلة عن عرض الطريق وقد قال بعض الأصحاب : بجواز سبي البغاة ، إلا أن الظاهر أنه مع إظهار الكفر والارتداد لا يبقى حكم البغي . والصحيح ما في الرواية الثانية من أن الأسارى كانت من النصارى . [ قوله : ] " وخاس به " : أي : غدر وخاف . وخاس بالوعد : أي : أخلف . " وقبحه الله " : أي : نحاه عن الخير . والسادة : جمع السيد ويطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل الأذى من قومه والرئيس والمقدم . قوله عليه السلام : " حتى أسكته " قيل : كلمة " حتى " تحتمل أن تكون بمعنى اللام ، أي : أنه لم ينطق مادحه ليقصد إسكاته بهربه ، فإن إسكاته لو قصد لا يتصور إلا بعد إنطاقه ، وهو لم يتمم فعله الذي يطلب به إنطاق مادحه ، فكيف يقصد إسكاته بهربه ؟ ويحتمل أن يكون المراد أنه لسرعة اتباعه الفضيلة بالرذيلة ، كأنه جمع بين غايتين متنافيتين . والتبكيت : التقريع والتعنيف والتوبيخ واستقبال الرجل بما يكره . والميسور : ما تيسر . وقيل هو مصدر على مفعول . وقيل : الغنى والسعة . والوفور بالضم مصدر وفر المال ، ككرم ووعد ، أي : تم وزاد . وفي بعض النسخ :