‹ صفحة 37 › ثم قال ابن أبي الحديد : وروى الواقدي أن عليا عليه السلام استنفر بني تميم أياما ، لينهض منهم إلى البصرة من يكفيه أمر ابن الحضرمي ، ويرد عادية بني تميم الذين أجاروه بها ، فلم يجبه أحد فخطبهم وقال : ليس من العجب أن ينصرني الأزد ويخذلني مضر . وأعجب من ذلك تقاعد تميم الكوفة بي ، وخلاف تميم البصرة علي ، وأن استنجد بطائفة منهم ما يشخص إلي أحد منها فيدعوهم إلى الرشاد ، فإن أجابت وإلا فالمنابذة والحرب . فكأني أخاطب صما بكما لا يفقهون حوارا ، ولا يجيبون نداءا ، كل ذلك جنبا عن البأس وحبا للحياة . [ و ] لقد كنا ( 1 ) مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، نقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وأعمامنا ، ما يزيدنا ذلك إلا إيمانا وتسليما ، ومضيا على اللقم ، وصبرا على مضض الألم ، وجدا في جهاد العدو . ولقد كان الرجل منا والآخر من عدونا يتصاولان تصاول الفحلين ، يتخالسان أنفسهما أيهما يسقي صاحبه كأس المنون ، فمرة لنا من عدونا ومرة لعدونا منا . فلما رأى الله صدقنا ، أنزل بعدونا الكبت ، وأنزل علينا النصر ، حتى استقر الإسلام ملقيا جرانه ، ومتبوئا أوطانه . ولعمري لو كنا نأتي ما أتيتم ، ما قام للدين عمود ، ولا اخضر للإيمان عود . وأيم الله لتحتلبنها دما ، ولتتبعنها ندما . قال : فقام إليه أعين بن ضبيعة المجاشعي ، فقال : أنا إن شاء الله أكفيك يا أمير المؤمنين هذا الخطب ، فأتكفل لك بقتل ابن الحضرمي ، أو إخراجه عن البصرة . فأمره بالتهيؤ للشخوص ، فشخص حتى قدم البصرة . رجعنا إلى رواية الثقفي ، قال إبراهيم : فلما قدمها دخل على زياد وهو ________________________________________ ( 1 )من قوله عليه السلام : ولقد كنا إلى قوله ولتتبعنها ندما رواه السيد الرضي رحمه الله في الختار : ( 55 ) من كتاب نهج البلاغة .