[610] ولا تقطعن لاحد من حاشيتك وحامتك قطيعة ولا يطمعن منك في اعتقاد عقدة تضر بمن يليها من الناس في شرب أو عمل مشترك يحملون مؤونته على غيرهم فيكون مهنأ ذلك لهم دونك وعيبه عليك في الدنيا والآخرة. وألزم الحق من لزمه من القريب والبعيد وكن في ذلك صابرا محتسبا واقعا ذلك من قرابتك وخاصتك حيث وقع وابتغ عاقبته بما يثقل عليك منه فإن مغبة ذلك محمودة. وإن ظنت الرعية بك حيفا فأصحر لهم بعذرك واعدل عنك ظنونهم بإصحارك فإن في ذلك [رياضة منك لنفسك ورفقا برعيتك و] إعذارا تبلغ فيه حاجتك (1) من تقويمهم على الحق. ولا تدفعن صلحا دعاك إليه عدوك لله فيه رضى فإن في الصلح دعة لجنودك وراحة من همومك وأمنا لبلادك ولكن الحذر كل الحذر من عدوك بعد صلحه فإن العدو ربما قارب ليتغفل فخذ بالحزم واتهم في ذلك حسن الظن. وإن عقدت بينك وبني عدو لك عقدة أو ألبسته منك ذمة فحط عهدك بالوفاء وارع ذمتك بالامانة واجعل نفسك جنة دون ما أعطيت فإنه ليس من فرائض الله سبحانه شئ الناس أشد عليه اجتماعا مع تفرق أهوائهم وتشتيت آرائهم من تعظيم الوفاء بالعهود وقد لزم ذلك المشركون فيما بينهم دون المسلمين لما استوبلوا من عواقب الغدر فلا تغدرن بذمتك ولا تخيسن بعهدك ولا تختلن عدوك فإنه لا يجترئ على الله إلا جاهل شقي وقد جعل الله عهده وذمته أمنا أفضاه بين العباد برحمته وحريما يسكنون إلى منعته ويستفيضون إلى جواره فلا إدغال ولا مدالسة ولا خداع فيه. ولا تعقد عقدا تجوز فيه العلل ولا تعولن على لحن قول بعد التأكيد والتوثقة. ________________________________________ (1) ما بين المعقوفين غير موجود في أصلي وإنما أخذناه من عدة نسخ من مطبوعات نهج البلاغة. ________________________________________