[609] الله أفضل تلك المواقيت وأجزل تلك الاقسام وإن كانت كلها لله إذا صلحت فيها النية وسلمت منها الرعية. وليكن في خاصة ما تخلص لله به دينك إقامة فرائضه التي هي له خاصة فأعط الله من بدنك في ليلك ونهارك ووف ما تقربت به إلى الله من ذلك كاملا غير مثلوم ولا منقوص بالغا من بدنك ما بلغ. وإذا قمت في صلاتك للناس فلا تكونن منفرا ولا مضيعا فإن في الناس من به العلة وله الحاجة وقد سألت رسول الله صلى الله عليه وآله حين وجهني إلى اليمن كيف أصلي بهم فقال: صل بهم كصلاة أضعفهم وكن بالمؤمنين رحيما. وأما بعد هذا فلا تطولن احتجابك من رعيتك فإن احتجاب الولاة عن الرعية شعبة من الضيق وقلة علم بالامور والاحتجاب منهم يقطع عنهم علم ما احتجبوا دونه فيصغر عندهم الكبير ويعظم الصغير ويقبح الحسن ويحسن القبيح ويشاب الحق بالباطل. وإنما الوالي بشر لا يعرف ما توارى عنه الناس به من الامور وليست على الحق سمات يعرف بها ضروب الصدق من الكذب. وإنما أنت أحد رجلين: إما امرؤ سخت نفسك بالبذل في الحق ففيم احتجابك من واجب حق تعطيه ؟ أو فعل كريم تسديه ؟ أو مبتلى بالمنع فما اسرع كف الناس عن مسألتك إذا أيسوا من بذلك مع أن أكثر حاجات الناس إليك ما لا مؤونة فيه عليك من شكاة مظلمة أو طلب إنصاف في معاملة. ثم إن للوالي خاصة وبطانة فيهم إستيثار وتطاول وقلة إنصاف [في معاملة] فاحسم مادة أولئك بقطع أسباب تلك الاحوال (1). ________________________________________ (1) كذا في متن أصلي، وفي هامشه: " فاحسم مؤنة أولئك... ". ________________________________________