[611] فبلغ ذلك معاوية ففزع فزعا شديدا وانكسر هو وجميع أصحابه وأهل الشام كذلك فدعا عمرو بن العاص فقال: يا عمرو إنما هو الليلة حتى يغدوا علينا فما ترى ؟ قال: أرى الرجال قد قوا ؟ وما بقي فلا يقومون لرجاله ولست مثله وإنما يقاتلك على أمر وأنت تقاتله على غيره أنت تريد البقاء وهو يريد الفناء وليس يخاف أهل الشام عليا إن ظفر بهم ما يخاف أهل العراق إن ظفرت بهم ولكن الق إليهم أمرا فإن ردوه اختلفوا وإن قبلوه اختلفوا ادعهم إلى كتاب الله وارفع المصاحف على رؤوس الرماح فإنك بالغ حاجتك فإني لم أزل أدخرها لك. فعرفها معاوية وقال: صدقت ولكن قد رأيت رأيا أخدع به عليا طلبي إليه الشام على الموادعة وهو الشئ الاول الذي ردني عنه. فضحك عمرو وقال: أين أنت يا معاوية من خديعة علي وإن شئت أن تكتب فاكتب. قال فكتب معاوية إلى علي عليه السلام كتابا مع رجل من أهل السكاسك يقال له عبد الله بن عقبة أما بعد فإنك لو علمت أن الحرب تبلغ بنا وبك ما بلغت وعلمناه نحن لم يجنها بعضنا على بعض وإنا إن كنا قد غلبنا على عقولنا فقد بقي منها ما يزم به ما بقي وقد كنت سألتك الشام على أن لا يلزمني لك طاعة ولا بيعة فأبيت ذلك علي فأعطاني الله ما منعت وأنا أدعوك اليوم إلى ما دعوتك إليه أمس فإنك لا ترجو من البقاء إلا ما أرجوه ولا تخاف من الفناء إلا ما أخاف وقد والله رقت الاكباد وذهبت الرجال ونحن بنو عبد مناف وليس لبعضنا على بعض فضل يستذل به عزيز ولا يسترق به ذليل والسلام. قال سليم فلما قرأ علي عليه السلام كتابه ضحك وقال: العجب من معاوية وخديعته لي فدعا كاتبه عبيدالله بن أبي رافع فقال له: اكتب: ________________________________________