[610] أما بعد فإنه كان من قضاء الله وقدره اجتماعنا في هذه البقعة من الارض لآجال قد اقتربت وأمور تصرمت يسوسنا فيها سيد المسلمين وأمير المؤمنين وخير الوصيين وابن عم نبينا وأخوه ووارثه وسيف من سيوف الله ورئيسهم ابن آكلة الاكباد وكهف النفاق وبقية الاحزاب يسوقهم إلى الشقاء والنار ونحن نرجو بقتالهم من الله الثواب وهم ينتظرون العقاب فإذا حمي الوطيس وثار القتام وجالت الخيل بقتلانا وقتلاهم رجونا بقتالهم النصر من الله فلا أسمعن إلا غمغمة أو همهمة. أيها الناس غضوا الابصار وعضوا على النواجذ من الاضراس فإنها أشد لصررا الرأس واستقبلوا القوم بوجوهكم وخذوا قوائم سيوفكم بأيمانكم فاضربوا الهام واطعنوا بالرماح مما يلي الشرسوف فإنه مقتل وشدوا شدة قوم موتورين بآبائهم وبدماء اخوانهم حنقين على عدوهم قد وطنوا أنفسهم على الموت لكيلا تذلوا ولا يلزمكم في الدنيا عار. ثم التقى القوم فكان بينهم أمر عظيم فتفرقوا عن سبعين ألف قتيل من جحاجحة العرب وكانت الوقعة يوم الخميس من حيث استقلت الشمس حتى ذهب ثلث الليل الاول ما سجد لله في ذينك العسكرين سجدة حتى مرت مواقيت الصلوات الاربع الظهر والعصر والمغرب والعشاء. قال سليم ثم إن عليا عليه السلام قام خطيبا فقال: أيها الناس إنه قد بلغ بكم ما قد رأيتم بعدوكم فلم يبق منهم إلا آخر نفس وإن الامور إذا أقبلت اعتبر آخرها بأولها وقد صبر لكم القوم على غير دين حتى بلغوا فيكم ما قد بلغوا أنا غاد عليهم بالغداة إنشاء الله ومحاكمهم إلى الله (1). ________________________________________ (1) وتقدم هذا الكلام برواية نصر بن مزاحم، ورواه أيضا الدينوري في كتاب الاخبار الطوال ص 188. ________________________________________