[598] وجاء عمرو ومعاوية يضحك منه فقال: مم تضحك والله لو بدا لعلي من صفحتك ما بدا له من صفحتي إذا لاوجع قذالك وأيتم عيالك وأنهب مالك فقال معاوية: لو كنت تحتمل مزاحا لمازحتك فقال عمرو: وما أحملني للمزاح ولكن إذا لقي الرجل رجلا فصد عنه ولم يقتله أتقطر السماء دما ؟ فقال معاوية: لا ولكنها تعقب فضيحة الابد حينا وحينا أما والله لو عرفته لما أقدمت عليه. وكان في أصحاب معاوية فارس مشهور بالشجاعة اسمه بسر بن أرطأة فلما سمع بسر عليا عليه السلام يدعو معاوية إلى البراز ومعاوية يمتنع قال: قد عزمت على مبارزة علي فلعلي أقتله فأذهب بشهرته في العرب وشاور غلاما يقال له لاحق فقال: إن كنت واثقا من نفسك وإلا فلا تبارز إليه فإنه والله الشجاع المطرق. [وأنشد]:. فأنت له يا بسر إن كنت مثله * وإلا فإن الليث للضبع آكل متى تلقه فالموت في رأس رمحه * وفي سيفه ضغل لنفسك شاغل فقال: ويحك هل هي إلا الموت ولابد من لقاء الله على كل حال اما بموت أو قتل (1). ثم خرج بسر إلى علي عليه السلام وهو ساكت بحيث لا يعرفه علي عليه السلام لحالة كانت صدرت منه. فلما نظر إليه علي عليه السلام حمل عليه فسقط بسر عن فرسه على قفاه ورفع رجليه وانكشفت سوأته فصرف علي عليه السلام وجهه عنه، ووثب بسر قائما وسقط المغفر عن رأسه فصاح أصحاب علي عليه السلام: يا أمير المؤمنين إنه بسر بن أرطأة فقال علي عليه السلام ذروه عليه لعنة الله. فضحك معاوية من بسر وقال: لا عليك فقد نزل بعمرو مثلها ! ! !. ________________________________________ (1) لو صح أن هذا الكلام صدر من هذا العفريت المارد لا ينبغي لعاقل أن يغتر بما قال فإن هذا شأن أكثر المتمردين في جميع الاعصار فإنهم بمرأى ومسمع من الناس يتفوهون بأمثال هذه الكلم لتبرير عتوهم وطغيانهم ولتشجيع مردتهم وهمج الرعاء على اتباعهم وتشجيعهم ! ! !. (*) ________________________________________