[ 266 ] المتفكرين جحده لان من كانت السماوات والارض فطرته وما فيهن وما بينهن وهو الصانع لهن فلا مدفع لقدرته، الذي بان من الخلق فلا شئ كمثله، (1) الذي خلق الخلق لعبادته وأقدرهم على طاعته بما جعل فيهم، وقطع عذرهم بالحجج، فعن بينة هلك من هلك، وعن بينة نجا من نجا، ولله الفضل مبدءا ومعيدا، ثم إن الله - وله الحمد - افتتح الكتاب بالحمد لنفسه، وختم أمر الدنيا ومجئ الآخرة (2) بالحمد لنفسه فقال: " وقضي بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين " الحمد لله الابس الكبرياء بلا تجسد، والمرتدي بالجلال بلا تمثيل، والمستوي على العرش بلا زوال، والمتعالي عن الخلق بلا تباعد، القريب منهم بلا ملامسة منه لهم وليس له حد ينتهى إلى حده، ولاله مثل فيعرف بمثله، ذل من تجبر عنه، وصغر من تكبردونه، وتواضعت الاشياء لعظمته، وانقادت لسلطانه وعزته، وكلت عن إدراكه طروف العيون، وقصرت دون بلوغ صفته أوهام الخلائق، الاول قبل كل شئ والآخر بعد كل شي، ولا يعدله شئ، (3) الظاهر على كل شئ بالقهر له، والمشاهد لجميع الاماكن بلا انتقال إليها، ولا تلمسه لامسة، ولا تحسه حاسة، وهو الذي في السماء إله وفي الارض إله، وهو الحكيم العليم، أتقن ما أراد خلقه من الاشياء كلها بلامثال سبق إليه، (4) ولا لغوب دخل عليه في خلق ما خلق لديه، إبتداء ما أراد إبتداءه، وأنشأ ما أراد إنشاءه، على ما أراد من الثقلين: الجن والانس لتعرف بذلك ربوبيته، ويمكن فيهم طواعيته. نحمده بجميع محامده كلها على جميع نعمائه كلها، ونستهديه لمراشدا مورنا، ونعوذ به من سيئات أعمالنا، ونستغفره للذنوب التي سلفت منا، ونشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، بعثه بالحق دالا عليه، وهاديا إليه فهدانا به من الضلالة، واستنقذنا به من الجهالة، من يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما ونال ________________________________________ (1) في الكافي: الذى نأى من الخلق فلا شئ كمثله. (2) في الكافي: ومحل الاخرة. (3) في الكافي: الاول قبل كل شئ ولاقبل له، والاخر بعد كل شئ ولا بعد له. ولعله أظهر. (4) في الكافي: اتقن ما اراد خلقه من الاشباح كلها لا بمثال سبق إليه. ________________________________________