[ 145 ] ولما سقط الجمل بالهودج، انهزم القوم عنه، فكانوا كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف (1). فجاء محمد بن ابي بكر رضى الله عنه وادخل يده الى اخته، فقالت له: من هذا المتهجم على حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال: انا اقرب الناس اليك، وابغضهم لك، انا أخوك محمد بعثني اليك أمير المؤمنين، يقول لك، هل اصابك شئ من السلاح ؟ ________________________________________ (1) قال الشيخ المفيد رحمه الله: ولما رأى أمير المؤمنين عليه السلام جرأة القوم على القتال وصبرهم على الهلاك، نادى أصحاب ميمنته ان يميلوا على ميسرة القوم، ونادى اصحاب ميسرته ان يميلوا على ميمنتهم، ووقف عليه السلام في القلب فما كان بأسرع من ان تضعضع القوم، واخذت السيوف من هاماتهم مأخذها، فانكشفوا وقد قتل منهم ما لا يحصى كثرة، واصيب من اصحاب امير المؤمنين نفر كثير، وأحاطت الازد بالجمل يقدمهم كعب بن سور، وخطام الجمل بيده، واجتمع إليه من كان أنفل بالهزيمة ونادت عائشة: يا بني الكرة الكرة ! اصبروا فإني ضامنة لكم الجنة، فحفوا بها من كل جانب واستقدموا بردة كانت معها، وقلبت يمينها على منكبها الايمن الى الايسر، والايسر الى الايمن، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع عند الاستسقاء، ثم قالت: ناولوني كفا من تراب، فناولوها، فحثت به وجوه أصحاب امير المؤمنين عليه السلام وقالت: شاهت الوجوه ! كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأهل بدر، قال: وجر كعب بن سور بالخطام، وقال: اللهم إن تحقن الدماء وتطفي هذه الفتنة فاقتل عليا، ولما فعلت عائشة ما فعلت من قلب البرد وحصب اصحاب أمير المؤمنين عليه السلام بالتراب، قال عليه السلام ؟ (ما رميت إذ رميت يا عائشة ولكن الشيطان رمى وليعودن وبالك عليك إن شاء الله). انظر: مصنفات الشيخ المفيد م 1: 328، الفتوح م 1: 484. ________________________________________