[ 23 ] واحسانا إليه فما معنى الدعا إذا انتفت فايدته ؟ فالجواب من وجوه: الاول لا يمتنع ان يكون وقوع ما سئله انما صار مصلحة بعد الدعا ولا يكون مصلحة قبله. وقد نبه على ذلك الصادق (ع) في قوله لميسر بن عبد العزيز: يا ميسر ادع الله ولا تقل: ان الامر (1) قد فرغ منه ان عند الله منزلة لا تنال الا بمسألة ولو أن عبد اسدفاه ولم يسئل لم يعط شيئا، فاسئل تعط يا ميسر انه ليس يقرع (2) باب الا يوشك ان يفتح لصاحبه. وروى عمرو بن جميع عنه (ع) من لم يسئل الله من فضله افتقر. وعن على عليه السلام ما كان الله ليفتح باب الدعا ويغلق عنه (عليه) باب الاجابة. وقال عليه السلام: من اعطى الدعا لم يحرم الاجابة. الثاني ان الدعا عبادة في نفسه تعبد الله عباده به لما فيه من اظهار الخشوع والافتقار إليه وهو امر مطلوب لله عزوجل من عبيده. قال الله تعالى: (وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون (3) والعبادة في اللغة هي الذلة يقال: طريق معبداى مذلل بكثرة الوطى عليه، وفى الاصطلاح العبادة أو في ما يكون من التذلل والخشوع للمعبود. ________________________________________ (1) والنهى عن هذا القول يحتمل الوجهين: احدهما بطلانه فانه قول اليهود وبعض الحكماء بل لابد من الايمان بالبداء. الثاني ان يكون المراد بالفراغ من الامر تعلق علمه سبحانه بما هو كائن وهذا الكلام صحيح لكن ذلك لا يمنع الامر بالدعا والاتيان به وترتب الثواب عليه فالمراد بالنهي عن هذا القول جعل ذلك مانعا عن الدعا وسببا للاعتقاد بعدم فائدته (مرات). (2) قرع الباب: طرق (المجمع) (3) الذاريات: 56 (*). ________________________________________