[ 8 ] فعمر بها من شرف بها منزل الاستيطان وبسط لها ما يختص بها من فراش التعظيم بما وهبه لمولاه من الامكان، فأقامت باذن واهبها قاطنة، واستنصرت بقدرة حافظها أقطار أماكنها ساكنة. فتعطرت بارجها (1) شعار تلك المساكن واستبشرت بمهجتها الالباب المجاورة للتراب الساكن مسافة اقطارها، ونزل منزلته الى علو منزلتها ومنازلها وطول مسافة جهله الى غاية ضيافة موائد مبارها ومسارها. وأشهد أن جدي محمدا أقدم قدما على تناول طرف جلالها، وأعظم همما في تكامل شرف تحف كمالها، واتم شيما في لبس خلع جلبابها، وأبسط يدا وقلما، واصدق لهجة وفهما في فتح مستغلق أبوابها. وأشهد أن النواب عنه في حفظ نظامها، والتجلي بجواهر تمامها ودوامها، والجلوس على فراش علو مقامها، لا يقوى عليه الا عقول تجلت لإكمالها وقبولها، وقلوب تخلت عما يمنع من الظفر بحصولها واصولها، ولا يقدم على الاقدام بالحق عليها الا أقدام لم تزل طاهرة من المشي الى عبادة صنم أو حجر افتضح عابدها بعبادتها، ولا تنالها من الأيدي بالصدق الا جوارح لم تزل سرائرها ذاكرة لمعرفة فاطرها وواهب سعادتها. وانى يبلغ الى ذروة قلل الجبال بالرئاسة عليها من كان عبدا لاحجار قد أشهد على نفسه بالعبودية لها والذل بين يديها، وانى يحتوي على شجرة التقوى وثمرة النجوى من كان على وجهه وسم الملكة للاخشاب التي عبدها من دون رب الارباب، وكيف ترحم اهل القبور والاموات بعبادة الاخشاب والصخور اصحاب هذا النور الذي لا يسعه الا صدور الصدور، ولا يجمعه الا اماكن مساكن الشموس والبدور. وبعد، فانني لما رأيت كتاب الاقبال بالاعمال الحسنة فيما نذكره مما يعمل مرة واحدة في السنة، قد فتح الله فيه ابواب الفوائد وانجح مسعى المطالب بزوائد عن الفوائد، حتى ضاق ان يكون فوائده في مجلد واحد فجعلت عمل شهر ذي القعدة وذي ________________________________________ 1 - الارج: الريح المعطر. ________________________________________