[ 19 ] اما تأثير الدعوة الاخلاقية لا يأتي من مجرد شحن الكتاب بالنظريات الاخلاقية المجردة بل لروحية المؤلف اعظم الأثر في اجتذاب القلوب الى الخير والصواب، ومن هنا اشترطوا في الواعظ ان يكون متعظا. ومن العجيب ان قلب الرجل الاخلاقي يبرز ظاهرا على قلمه في مؤلفاته فتلمسه في ثنايا كلماته وبالعكس ذلك الرجل الذي لا قلب له فانك لا تقرء منه الا كلاما جافا لا روح فيه مهما بلغت قيمته في حساب النظريات الاخلاقية وغيرها. وفي نظري ان قيمة كتب السيد في الروح المؤمنة التي تقرأها في ثناياه اكثر بكثير من قيمته العلمية، واني لاتحدى قارئ هذه الكتب إذا كان مستعدا للخير ان يخرج من غير متأثر بدعوته. وهذا هو السر في اشتهار كتبه والاقبال عليه، على انه لا يزيد عن ناحية علمية على بعض الكتب المتداولة التي لا نجد فيها هذا الذوق والروحانية، وكتبه يكشف لنا عن نفسية المؤلف وما كان عليه من خلق عال وايمان صادق. حتى ان السيد ميز بين كتبه كتاب مصباح الزائر الذي ألفه في بداية ما شرع في التأليف، بانه خالية من الاسرار الربانيات وسلك فيه سبيل العادات (1). ذكر السيد نفسه في جواب من قال: ان في ايدي الناس المصباح وغيره من المصنفات ما ليس عندهم نشاطا للرغبة إليه فأي حاجة كانت الى زيادة عليه: (ان الذي أودعناه كتابنا هذا ما هو مجرد زيادات وعبادات، ولا كان المقصود جمع صلوات ودعوات، وانما ضمناه ما لم يعرف فيما وقفنا عليه المخالف والمؤالف مثل الذي هدانا الله جل جلاله بتصنيفه إليه، من كيفية معاملات الله جل جلاله بالاخلاص في عبادته ومن عيوب الاعمال التي تفسد العمل وتخرجه من طاعة الله جل جلاله الى معصية - الى ان قال: - مع ان الذي عملنا هذا العمل لأجله قد كان سلفنا اجرة اكثر من استحقاقنا على فعله، واعطانا في الحال الحاضرة ما لم تبلغ آمالنا الى مثله ووعدنا وعد الصدق بما لا تعلم نفس ما اخفى لهم من قرة أعين من فضله، فقد استوفينا اضعاف اجرة ما صنفناه ووضعناه، ومهما حصل بعد ذلك إذا عمل عامل بمقتضاه ورغب فيما رغبناه فهو مكسب على ما وهبناه.) (2) وبالجملة للسيد قدس الله جل جلاله اسراره لتأليفه اجزاء كتاب التتمات وجمعها من تلك ________________________________________ 1 - كشف المحجة: 139. 2 - ذكره في آخر كتاب اقبال الأعمال. ________________________________________