[ 14 ] الرجل وبقى عبد الله عند اهله إلى ان ذهبت الصفرة من يديه وذلك ان العرب كانوا إذا دخلوا باهلهم يخضبون ايديهم بالحناء ولا يخرجون من عندهم وعلى ايديهم اثر من الحناء فبقى عبد الله اربعين يوما وخرج ونظر اهل مكة إلى عبد الله والنور قد فارق موضعه فرجع عبد المطلب من عند حبيب وقد أتى على رسول الله صلى الله عليه وآله شهر واحد في بطن امه ونادت الجبال بعضها بعضا والاشجار بعضها بعضا والسماوات بعضها يستبشرون ويقولون ألا ان محمدا قد وقع في رحم امه آمنة وقد أتى عليه شهر ففرحت بذلك الجبال والبحار والسماوات والارضون فرحا برسول الله صلى الله عليه وآله ثم ان الله تعالى اراد قضاه على فاطمة بنت عبد المطلب فورد عليه كتاب من يثرب يموت فاطمة وكان في الكتاب انها ورثت مالا كثيرا خطيرا فاخرج إلى عندهم باسرع ما تقدر عليه قال عبد المطلب لولده عبد الله يا ولدي لابد لك ان تجي معى إلى المدينة فسافر مع ابيه ودخلا مدينة يثرب وقبض عبد المطلب المال ولما انتهيا من دخلولهما المدينة بعشر ايام اعتل عبد الله علة شديدة وبقى خمسة عشر يوما فلما كان يوم السادس عشر مات عبد الله فبكى عليه ابوه عبد المطلب بكاء شديدا وشق سقف البيت لاجله في دار فاطمة بنت عبد المطلب وإذا بهاتف يهتف ويقول قد مات من كان في صلبه خاتم النبيين وأي نفس لا تموت فقام عبد المطلب فغسله وكفنه في سكة يقال لها (شين) وبنى على قبره قبة عظيمة من جص وآجر واحكمه ورجع إلى مكة واستقبله رؤساء قريش وبنو هاشم واتصل الخبر إلى آمنة بوفاة زوجها فبكت ونفشت شعرها وخدشت وجهها ومزقت جيبها ودعت بالنايحات ينحن على عبد الله فجاء بعد ذلك عبد المطلب إلى دار آمنة وطيب قلبها ووهب لها في ذلك الوقت الف درهم بيض وتاجين قد اتخذهما عبد مناف لبعض بناته وقال لها يا آمنة لا تحزني فانك عندي جليلة لاجل من في بطنك فلا يهمك امرك فسكتت وطيب قلبها. ________________________________________