[ 36 ] الباء موضع عن كقوله تعالى: سأل سائل بعذاب واقع (1) وقال الاخفش: يقال خرجنا نسأل عن فلان وبفلان، والحر ضد العبد وههنا مجاز عن المتخلص من ربقة رق المطالبة، والوعد والعدة يستعمل في الخير والشر قال الفراء: يقال: وعدته خيرا ووعدته شرا، فان أسقطوا الخير والشر قالوا: في الخير الوعد والعدة، وفى الشر الايعاد والوعيد، فان أدخلوا الباء في الشر جاؤوا بالالف فقالوا: أوعده بالسجن. المعنى - الذى طولب منه شئ فهو حر متخلص عن رق مطالبة الطالب اياه ثانيا ما لم يعد بأداء ولم يلتزم بايفائه، فإذا وعده والتزم ايفاءه فقد أوقع نفسه في مظنة الرق والعبودية، ثم إذا وفا ما وعده خرج عن تلك المظنة وعاد حريته والابقى فيها فالاحرى بشأن من يدعى الحرية ان يقضى حاجة الطالب ان قدر، وان لم يقدر لم يعد بالقضاء بل يرده بقول جميل، قال الله تعالى: قول معروف ومغفرة خيرمن صدقه يتبعها أذى (2). 44 - قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: أكبر الاعداء أخفاهم مكيدة. أقول: الاكبر أفعل التفضيل من الكبر بكسر الكاف والمفضل عليه حقيقة محذوف ههنا تقديره: أكبر كبار الاعداء، للزوم كون المفضل والمفضل عليه مشتركا في أصل المعنى كما قيل في قوله عليه السلام: ان شر الناس عند الله منزلة من أكرمه الناس اتقاء فحشه، تقديره (3): ان شرشرار الناس، والمكيدة مصدرمن كاد يكيد كيدا ومكيدة بمعنى المكر. ________________________________________ (1) - آية 1 سورة المعارج. (2) - صدر آية 263 سورة البقره. (3) - في الهامش: " إذ لو لم يقدر به يفهم اشتراك جميع الناس في الشر ولاشك ان الناس كلهم ليس بشر كما يقال: فلان اكرم الناس اي اكرم كرماء الناس، كذا في شرح - المشارق، منه ". ________________________________________