[ 11 ] الفراعنة. عاصر الامام عليه السلام كل تلك الحفنة الحاقدة على رسالة جده المصطفى صلى الله عليه وآله، والمبغضة لال بيت النبوة، فعاش تلك المدة الطويلة وأهل بيته وشيعته في أجواء مرعبة، محفوفة بكل صنوف البلاء والمحن والاهانات. وما انطوت الأيام والليالي حتى دب الخلاف بين الامويين المتسلطين على رقاب المسلمين، فاضطربت دولتهم وضعفت أركانها، فتعالت الصيحات بسقوطهم واقامة دولة آل محمد عليهم السلام أصحاب الأمر وولاة الامور الشرعيين، وأخيرا اضمحلت تلك الدولة البغيضة وذهب حكامها الى مزبلة التاريخ. فجاء دور بني العباس بزعامة السفاح الذي تظاهر بولائه لال البيت عليهم السلام والانتقام من الامويين قتلة الامام الحسين عليه السلام في هذه الفترة الانتقالية تنفس الامام عليه السلام وأهل بيته وشيعته الصعداء، فأعلن عن افتتاح جامعته العلمية، لتقدم الغذاء الروحي والفكري للامة عن طريق توجيههم ونشر أحكام وتعاليم الشريعة الغراء بين صفوفهم. فكانت داره عليه السلام منتدى لنشر صنوف العلوم والمعارف، ومشعلا من مشاعل الهداية والفكر الخلاق، فتزعم - بحق - الحركة الفكرية في أول جامعة اسلامية، تضم الالاف من الطلبة والمتشوقين الى العلوم والمعارف، فتخرج منها الرعيل الأول من علماء الحديث والفقه والتفسير والحكمة والكلام والفلسفة والرياضيات والنجوم والطب وغيرها، وكانوا يفتخرون بتتلمذهم على يد الامام عليه السلام وتخرجهم من جامعته العلمية، وقد ذكرتهم في كتابي هذا. ولم يزل الامام مشعلا ينير الطريق امام طلبة العلم والمعرفة حتى مات السفاح، فتسلم سدة الحكم المنصور الدوانيقي الذي لمس في الامام عليه السلام ومبادئه وشيعته خطرا عليه وعلى حكومته، فصمم القضاء على الامام عليه السلام والفتك به بأي وسيلة كانت، فقال قولته المعروفة للامام عليه السلام: قتلني الله ان لم أقتلك. ولكن الامام عليه السلام - رغم تلك الظروف القاسية والتهديدات الشريرة من ________________________________________