[ 10 ] جده الى الرفيق الأعلى، وبوفاته انتقلت الامامة وزعامة المسلمين الى أبيه الامام الباقر عليه السلام، وفي هذه الفترة تولى أبوه أمر تربيته وتغذيته بالعلوم والاداب والمعارف والحكم، ولم يزل تحت كنف أبيه مدة تسع عشرة سنة حتى توفي والده الامام الباقر عليه السلام، فانتقلت إليه امامة وقيادة الامة الاسلامية. وبعد تخرج الامام عليه السلام من مدرستي جده وأبيه وتصدره امامة المسلمين صمم على تشييد جامعته العلمية الكبرى في جو يسوده الرعب والاختناق، حيث البلدان الاسلامية يحكمها حكام الجور، وفي أجواء تكاثرت فيه دعاة الفساد والرذيلة، ديدنهم نشر الزيف والباطل ومقارعة الحق والفضيلة. في تلك الأوساط الرهيبة والأجواء الملبدة بغيوم البغضاء والكراهية لال الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله أزمع الامام عليه السلام على افتتاح تلك الجامعة في مجتمع متناقض مع تعاليم الشريعة الاسلامية من ناحية ومع تعاليم أهل البيت عليهم السلام من ناحية اخرى، الا ما شذ وندر من أفراد قلائل اتخذوا سياسة التقية والحذر من السلطة الاموية القائمة يومئذ وأشياعهم. افتتحت الجامعة والامة الاسلامية في دوامة من الفوضى وتنازع في الاراء، واضطراب في الأهواء والميول، وتشتت في الأفكار والاتجاهات. كان ولاة الامور وعمالهم يحكمون بما يسوغ لهم، وضعاف النفوس من وعاظ السلاطين يتقربون الى الحكام عن طريق بيع دينهم وضمائرهم، فكانوا يتهمون هذا ويشنعون على ذاك، ويقلبون الحقائق ويروجون لكل فاسد وباطل. في هذا الوسط الزائف كان الامام الصادق عليه السلام وأتباعه والشخصيات النظيفة الملتزمة اكثر الناس نصيبا من الاضطهاد والتعقيب والبلاء. عاش امامنا الصادق عليه السلام تلك الفترات المرعبة من العهد الاموي البغيض، وشاء القضاء والقدر أن يعاصر من ملوكهم كلا من عبد الملك بن مروان، والوليد بن عبد الملك، وسليمان بن عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، ويزيد بن عبد الملك، وهشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد، ويزيد بن الوليد، ومروان بن محمد آخر اولئك ________________________________________