[ 23 ] يقدر المستنبط على تشخيص الثقة عن غيره، والصالح للاستدلال عن غير الصالح، إلى غير ذلك من الامور التي لا يستغني عنها المستنبط الا بالرجوع إلى الكتب المعدة لبيانها. وهناك رأي ثالث يبدو أنه أقوى الاراء في باب حجية الخبر، وهو أن الخارج عن تحت الظنون المنهية، هو الخبر الموثوق بصدوره وان لم تحرز وثاقة الراوي، ومن المعلوم أن إحراز هذا الوصف للخبر، يتوقف على جمع أمارات وقرائن تثبت كون الخبر مما يوثق بصدوره. ومن القرائن الدالة على كون الخبر موثوق الصدور، هو العلم بأحوال الرواة الواقعة في اسناد الاخبار. وهناك قول رابع، وهو كون الخارج عن تحت الظنون التي نهي عن العمل بها عبارة عن قول الثقة المفيد للاطمئنان الذي يعتمد على مثله العقلاء في امورهم ومعاشهم، ولا شبهة أن إحراز هذين الوصفين أعني كون الراوي ثقة والخبر مفيدا للاطمئنان لا يحصل الا بملاحظة امور. منها الوقوف على أحوال الرواة الواقعة في طريق الخبر، ولاجل ذلك يمكن أن يقال: إنه لا منتدح لاي فقيه بصير من الرجوع إلى " علم الرجال " والوقوف على أحوال الرواة وخصوصياتهم، إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع في ذلك العلم. وانما ذهب هذا القائل إلى الجمع بين الوصفين في الراوي والمروي (أي وثاقة الراوي وكون المروي مفيدا للاطمئنان)، لان كون الراوي ثقة لا يكفي في الحجية، بل يحتاج مع ذلك إلى إحراز كون الخبر مفيدا للاطمئنان، ولا يتحقق إلا إذا كان الراوي ضابطا للحديث ناقلا إياه حسب ما ألقاه الامام عليه السلام، وهذا لا يعرف إلا بالمراجعة إلى أحوال الراوي، ومن المعلوم أن عدم ضابطية بعض الرواة مع كونهم ثقات أوجد اضطرابا في الاحاديث وتعارضا في الروايات، حيث حذفوا بعض الكلم والجمل الدخيلة في فهم الحديث، أو نقلوه بالمعنى من غير أن يكون اللفظ كافيا في إفادة مراد الامام عليه السلام. ________________________________________