[ 24 ] أعطيهم، وما عسى ان يبلغني من هذا اللبن ؟ ولم يكن من طاعة الله ورسوله بد فأتيتهم فدعوتهم فاقبلوا فاستأذنوا فاذن لهم واخذوا مجالسهم فقال صلى الله عليه وآله يا أبا هريرة خذ فاعطهم، فاخذت القدح فجعلت أعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرد على القدح فاعطيه الرجل فيشرب حتى يروى ثم يرده على فاعطيه الآخر فيشرب حتى يروى، ولم ازل حتى انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وآله وقد روى القوم كلهم فاخذ القدح وتبسم الي فقال: أبا هر بقيت أنا وأنت، قلت: صدقت يارسول الله قال: اقعد فاشرب، فقعدت فشربت، قال: اشرب فشربت، فما زال يقول: اشرب، حتى قلت: لا والذي بعثك بالحق ما اجد له مسلكا قال: فأرنيه. فأعطيته القدح فحمد الله وسمى وشرب الفضلة (1). وفي صحيح البخاري (2) عن أبي هريرة قال: رأيتني واني لاخر فيما بين منبر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى حجرة عائشة مغشيا علي فجئ الجائي فيضع رجله على عنقي ويرى اني مجنون وما بي من جنون ما بي إلا الجوع اه. وكان ذو الجناحين جعفر بن أبي طالب عليهما السلام كثير البر والاحسان والصدقة والعطف على البائسين. فكان يطعم أبا هريرة من جوع فوالاه * هامش * (1) - هذا الحديث اخرجه البخاري في عدة مواضع من صحيحه وهو من أعلام النبوة - لو صح فما ندري لم لم يروه غير أبي هريرة ؟ وهلا حدث بهذه الآية شركاء أبي هريرة في اللبن على الاقل ؟ وما ندري هل كان ثمة مقتض للتحدي والاعجاز ؟ وموجب لخرق العادات ؟ فان مثل هذه الآية لا تكون إلا عند الاقتضاء ونحن نؤمن بآيات الله تعالى ومعجزات رسله ومع ذلك فان الظاهر ان هذا الحديث مما نزلف به أبا هريرة إلى غوغاء الناس وعوامهم بعد وفاة كبراء الصحابة حيث لم يبق منهم من يخشاه. (2) - راجع من جزئه الرابع ص 175 تجده في أواخر كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة. ________________________________________