5 - سورة المائدة اية 2 ضيعف جدا ولا يجر منكم نهى عن احلال قوم من الامين خصوا به مع اندراجهم في النهي عن احلال الكل كافة لاستقلالهم بامور ربما يتوهم كونها مصححة لاحلالهم داعية اليه وجرم جار مجرى كسب في المعنى وفي التعدي الى مفعول واحد والى اثنين يقال جرم ذنبا نحو كسبه وجرمته ذنبا نحو كسبته الياه خلا ان جرم يستعمل غالبا في كسب ما لا خير فيه وهو السبب في ايثاره ههنا على الثاني وقد ينقل الاول من كل منهما بالهمزة الى معنى الثاني فيقال اجرمته ذنبا واكسبته اياه وعليه قراءة من قرا يجر منكم بضم الياء شنآن قوم بفتح النون وقرىء بسكونها وكلاهما مصدر ضعيف الى مفعوله لا الى فاعله كما قيل وهو شدة البغض وغاية المقت ان صدوركم متعلق بالشنآن باضمار لام العلة أي لان صدوركم عام الحديبية عن المسجد الحرام عن زيارته والطواف به للعمرة وهده اية بينة في عموم امين للمشركين قطعا وقرىء ان صدوركم على انه شرط معترض اغنى عن جوابه لا يجر منكم قد ابرز الصد المحقق فيما سبق في معرض المفروض للتوبيخ والتنبيه على ان حقه ان لا يكون وقوعه الا على سبيل الفرض والتقدير ان تعتدوا أي عليهم وانما حذف تعويلا على ظهوره وايماء الى ان المقصد الاصلي من النهي منع صدور الاعتداء عن المخاطبين محافظة على تعظيم الشعائر لا منع وقوعه على القوم مراعاة لجانبهم وهو ثاني مفعولي يجر منكم أي لا يكسبنكم شدو بغضكم لهم لصدهم اياكم عن المسجد الحرام اعتداءكم عليهم وانتقامكم منهم للتشفي وهذا وان كان بحسب الظاهر نهيا للشنآن عن كسب الاعتداء للمخاطبين لكنه في الحقيقة نهى لهم عن الاعتداء على ابلغ وجه واكده فان النهي عن اسباب الشيء ومبادية المؤدية اليه نهى عنه بالطريق البرهاني وابطال للسببية وقد يوجه النهي الى المسبب ويراد النهي عن السبب كما في قوله لا ارينك ههنا يريد به نهي مخاطبة عن الحضور لديه ولعل تأخير هذا النهي عن قوله تعالى واذا حللتم فاصطادوا مع ظهور تعلقة بما قبله للايذان بان حرمة الاعتداء لا تنتهي بالخروج عن الاحرام كانتهاء حرمة الاصطياد به بل هي باقية ما لم تنقطع علاقتهم عن الشعائر بالكلية وبذلك يعلم بقاء حرمة التعرض لسائر الامين بالطريق الاولى وتعاونوا على البر والتقوى لما كان الاعتداء غالبا بطريق التظاهر والتعاون امروا اثر ما نهوا عنه بان يتعاونوا على كل ما هو من باب البر والتقوى ومتابعة الامر ومجانبة الهوى فدخل فيه ما نحن بصدده من التعاون على العفو والاغضاء عما وقع منهم دخولا اوليا ثم نهوا عن التعاون في كل ما هو من مقولة الظلم والمعاصي بقوله تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان فاندرج فيه النهي عن التعاون على الاعتداء والانتقام بالطريق البرهاني واصل لا تعاونوا لا تتعاونوا فحذف منه احدى التاءين تخفيفا وانما اخر النهي عن الامر مع تقدم التخلية على التحلية مسارعة الى ايجاب ما هو مقصود بالذات فان المقصود من ايجاب ترك التعاون على الاثم والعدوان انما هو تحصيل التعاون على البر والتقوى ثم امروا بقوله تعالى واتقوا الله بالاتقاء في جميع الامور التي من جملتها مخالفة ما ذكر من الاوامر والنواهي فثبت وجوب الاتقاء فيها بالطريق البرهاني ثم علل ذلك بقوله تعالى ان الله شديد العقاب أي لمن لا يتقيه فيعاقبكم لا محالة ان لم تتقوه واظهار الاسم الجليل لما مر مرارا من ادخال الروعة وتربية المهابة وتقوية استقلال الجملة