الزمر 4 استئناف مقرر لما قبله من الامر بإخلاص الدين له تعالى ووجوب الامتثال به وعلى القراءة الاخيرة مؤكد لاختصاص الدين به تعالى أي ألا هو الذي يجب ان يخص بإخلاص الطاعة له لأنه المتفرد بصفات الألوهية التي من جملها الاطلاع على السرائر والضمائر وقوله تعالى والذين اتخذوا من دونه اولياء تحقيق لحقية ما ذكر من إخلاص الدين الذي هو عبارة عن التوحيد ببيان بطلان الشرك الذي هو عبارة عن ترك إخلاصه والموصول عبارة عن المشركين ومحله الرفع على الابتداء خبره مما سيأتى من الجملة المصدرة بإن والأولياء عن الملائكة وعيسى عليهم السلام والأصنام وقوله تعالى ما نعبدهم إلا ليقربونا إلا الله زلفى حال بتقدير القول من واو اتخذوا مبينة لكيفية إشراكهم وعدم خلوص دينهم والاستثناء مفرغ من أعم العلل وزلفى مصدر مؤكد على غير لفظ المصدر ملاق له في المعنى أي والذين لم يخلصوا العبادة لله تعالى بل شابوها بعبادة غيره قائلين ما نعبدهم لشئ من الاشياء إلا ليقربونا الى الله تعالى تقريبا إن الله يحكم بينهم أي وبين خصمائهم الذين هم المخلصون للدين وقد حذف لدلالة الحال عليه كما في قوله تعالى لا نفرق بين احد من رسله على أحد الوجهين أي بين أحد منهم وبين غيره وعليه قول النابغة ... فما كان بين لخير لو جاء سالما ... أبو حجر إلا ليال قلائل ... .
أي بين الخير وبينى وقيل ضمير بينهم للفريقين جميعا فيما هم فيه يختلفون من الدين الذي اختلفوا فيه بالتوحيد والإشراك وادعى كل فريق منهم صحة ما انتحله وحكمه تعالى في ذلك إدخال الموحدين الجنة والمشركين النار فالضمير للفريقين هذا هو الذي يستدعيه مساق النظم الكريم وأما تجويز أن يكون الموصول عبارة عن المعبودين على حذف العائد إليه وإضمار المشركين من غير ذكر تعويلا على دلالة المساق عليهم ويكون التقدير والذين اتخذهم المشركون اولياء قائلين ما نعبدهم إلا ليقربونا الى الله إن الله يحكم بينهم أي بين العبدة والمعبودين فيما هم فيه يختلفون حيث يرجو العبدة شفاعتهم وهم يلعنونهم فبعد الإغضاء عما فيه من التعسفات بمعزل من السداد كيف لا وليس فيما ذكر من طلب الشفاعة واللعن مادة يختلف فيها الفريقان اختلافا محوجا الى الحكم والفصل وإنما ذاك ما بين فريقى الموحدين والمشركين في الدنيا من الاختلاف في الدين الباقي الى يوم القيامة وقرئ قالوا ما نعبدهم فهو بدل من الصلة لا خبر للموصول كما قيل إذ ليس في الإخبار بذلك مزيد مزية وقرئ ما نعبدكم إلا لتقربونا حكاية لما خاطبوا به آلهتهم وقرئ نعبدهم إتباعا للباء إن الله لا يهدى أي لا يوفق للاهتداء الى الحق الذي هو طريق النجاة عن المكروه والفوز بالمطلوب من هو كاذب كفار أي راسخ في الكذب مبالغ في الكفر كما يعرب عنه قراءة كذاب وكذوب فإنهما فاقدان للبصيرة غير قابلين للاهتداء لتغييرهما الفطرة الأصلية بالتمرن في الضلالة والتمادى في الغى والجملة تعليل لما ذكر من حكمه تعالى لو أراد الله أن يتخذ ولدا الخ استئناف مسوق لتحقيق الحق وإبطال القول بأن الملائكة بنات الله عيسى ابنه تعالى عن ذلك علوا كبيرا ببيان استحالة اتخاذ الولد في حقه تعالى على الإطلاق ليندرج فيه استحالة