سورة النور 55 انتظاما أوليا أو للعهد أي ما على جنس الرسول كائنا من كان أو ما عليه A إلا التبليغ الموضح لكل ما يحتاج إلى الإيضاح أو الواضح على أن المبين من أبان بمعنى بان وقد علمتم أنه قد فعله بما لا مزيد عليه .
55 - وإنما بقى ما حملتم وقوله تعالى وعد الله الذين آمنوا منكم استئناف مقرر لما في قوله تعالى وإن تطيعوه تهتدوا من الوعد الكريم ومعرب عنه بطريق التصريح ومبين لتفاصيل ما أجمل فيه من فنون السعادات الدينية والدنيوية التى هي من آثار الاهتداء ومتضمن لما هو المراد بالطاعة التي نيط بها الاهتداء والمراد بالذين آمنوا كل من اتصف بالإيمان بعد الكفر على الإطلاق من أى طائفة كان وفي أى وقت كان لا من آمن من طائفة المنافقين فقط ولا من آمن بعد نزول الآية الكريمة فحسب ضرورة عموم الوعد الكريم للكل كافة فالخطاب في منكم لعامة الكفرة لا للمنافقين خاصة ومن تبعيضيه وعملوا الصالحات عطف على آمنوا داخل معه في حيز الصلة وبه يتم تفسير الطاعة التى أمر بها ورتب عليها ما نظم في سلك الوعد الكريم كما أشير إليه وتوسيط الظرف بين المعطوفين لإظهار أصالة الإيمان وعراقته في استتباع الآثار والأحكام وللإيذان بكونه أول ما يطلب منهم وأهم ما يجب عليهم وأما تأخيره عنهما في قوله تعالى وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما فلأن من هناك بيانية والضمير الذين معه A من خلص المؤمنين ولا ريب في أنه جامعون بين الإيمان والأعمال الصالحة مثابرون عليهما فلا بد من ورود بيانهم بعد ذكر نعوتهم الجليلة بكمالها هذا ومن جعل الخطاب للنبي A وللأمة عموما على أن من تبعيضية أوله A ولمن معه من المؤمنين خصوصا على أنها بيانية فقد نأى عما يقتضيه سباق النظم الكريم وسياقه بمنازل وأبعد عما يليق بشأنه A بمراحل ليستخلفنهم في الأرض جواب للقسم إما بالإضماء أو بتنزيل وعده تعالى منزلة القسم لتحقق إنجازه لا محالة أى ليجعلهم خلفاء متصرفين فيها تصرف الملوك في ممالكهم أو خلفا من الذين لم يكونوا على حالهم من الإيمان والأعمال الصالحه كما استخلف الذين من قبلهم هم بنو إسرائيل استخلفهم الله D في مصر والشام بعد إهلاك فرعون والجبابرة أو هم ومن قبلهم من الأمم المؤمنة التي أشير إليهم في قوله تعالى ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله جاءتهم رسلهم بالبينات إلى قوله تعالى فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكتكم الأرض من بعدهم ومحل الكاف النصب على أنه مصدر تشبيهي مؤكد للفعل بعد تأكيده بالقسم وما مصدرية أى ليستخلفنهم استخلافا كائنا كاستخلافه تعالى للذين من قبلهم وقرئ كما استخلف على البناء للمفعول فليس العامل في الكاف حينئذ الفعل المذكور بل ما يدل هو عليه من فعل مبنى للمفعول جار منه مجرى المطاوع فإن استخلافه تعالى إياهم مستلزم لكونهم مستخلفين