6442 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله حدثني إبراهيم بن سعد عن صالح عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس قال .
Y كنت أقرئ رجالا من المهاجرين منهم عبد الرحمن بن عوف فبينما أنا في منزله بمنى وهو عند عمر بن الخطاب في آخر حجة حجها إذ رجع إلي عبد الرحمن فقال لو رأيت رجلا أتى أمير المؤمنين اليوم فقال يا أمير المؤمنين هل لك في فلان ؟ يقول لو قد مات عمر لقد بايعت فلانا فوالله ما كانت بيعة أبي بكر إلا فلتة فتمت فغضب عمر ثم قال إني إن شاء الله لقائم العشية في الناس فمحذرهم هؤلاء الذين يريدون أن يغصبوهم أمورهم . قال عبد الرحمن فقلت يا أمير المؤمنين لا تفعل فإن الموسم يجمع رعاع الناس وغوغاءهم فإنهم هم الذين يغلبون على قربك حين تقوم في الناس وأنا أخشى أن تقوم فتقول مقالة يطيرها عنك كل مطير وأن لا يعوها وأن لا يضعوها على مواضعها فأمهل حتى تقدم المدينة فإنها دار الهجرة والسنة فتخلص بأهل الفقه وأشراف الناس فتقول ما قلت متمكنا فيعي أهل العلم مقالتك ويضعونها على مواضعها . فقال عمر والله - إن شاء الله - لأقومن بذلك أو ل مقام أقومه بالمدينة . قال ابن عباس فقدمنا المدينة في عقب ذي الحجة فلما كان يوم الجمعة عجلت الرواح حين زاغت الشمس حتى أجد سعيد بن زيد بن عمرو ابن نفيل جالسا إلى ركن المنبر فجلست حوله تمس ركبتي ركبته فلم أنشب أن خرج عمر بن الخطاب فلما رأيته مقبلا قلت لسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ليقولن العشية مقالة لم يقلها منذ استخلف فأنكر علي وقال ما عسيت أن يقول ما لم يقل قبله فجلس عمر على المنبر فلما سكت المؤذنون قام فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فإني قائل لكم مقالة قد قدر لي أن أقولها لا أدري لعلها بين يدي أجلي فمن عقلها ووعاها فليحدث بها حيث انتهت به راحلته ومن خشي أن لا يعقلها فلا أحل لأحد أن يكذب علي إن الله بعث محمدا A بالحق وأنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها ووعيناها رجم رسول الله A ورجمنا بعده فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله والرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف ثم إنا كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم أو إن كفرا بكم أن ترغبوا عن آبائكم . ألا ثم إن رسول الله A قال ( لا تطروني كما أطري عيسى بن مريم وقولوا عبد الله ورسوله ) .
ثم إنه بلغني قائل منكم يقول والله لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يغترن امرؤ أن يقول إنما كانت بيعة أبي بكر فلتة وتمت ألا وإنها قد كانت كذلك ولكن الله وقى شرها وليس فيكم من تقطع الأعناق إليه مثل أبي بكر من بايع رجلا من غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي تابعه تغرة أن يقتلا وإنه قد كان من خبرنا حين توفى الله نبيه A أن الأنصار خالفونا واجتمعوا بأسرهم في سقيفة بني ساعدة وخالف عنا علي والزبير ومن معهما واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر فقلت لأبي بكر يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا هؤلاء من الأنصار فانطلقنا نريدهم فلما دنونا منهم لقينا منهم رجلان صالحان فذكرا ما تمالأ عليه القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين ؟ فقلنا نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا لا عليكم أن لا تقربوهم اقضوا أمركم فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى أتيناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا رجل مزمل بين ظهرانيهم فقلت من هذا ؟ فقالوا هذا سعد بن عبادة فقلت ما له ؟ قالوا يوعك فلما جلسنا قليلا تشهد خطيبهم فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام وأنتم معشر المهاجرين رهط وقد دفت دافة من قومكم فإذا هم يريدون أن يختزلونا من أصلنا وأن يحضنونا من الأمر . فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقدمها بين يدي أبي بكر وكنت أداري منه بعض الحد فلما أردت أن أتكلم قال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه فتكلم أبو بكر فكان هو أحلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قال في بديهته مثلها أو أفضل منها حتى سكت فقال ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل ولن يعرف هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم فأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا فلم أكره مما قال غيرها كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك من إثم أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر اللهم إلا أن تسول لي نفسي عند الموت شيئا لا أجده الآن . فقال قائل من الأنصار أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش . فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى فرقت من الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعته الأنصار . ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعد بن عبادة فقلت قتل الله سعد بن عبادة قال عمر وإنا والله ما وجدنا فيما حضرنا من أمر أقوى من مبايعة أبي بكر خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يبايعوا رجلا منهم بعدنا فإما بايعناهم على ما لا نرضى وإما نخالفهم فيكون فساد فمن بايع رجلا على غير مشورة من المسلمين فلا يتابع هو ولا الذي بايعه تغرة أن يقتلا .
[ ر 2330 ] .
[ ش أخرجه مسلم في الحدود باب رجم الثيب في الزنا رقم 1691 .
( أقرئ ) قرآنا . ( هل لك في فلان ) ألا أخبرك بما قال . ( فلانا ) يعني طلحة بن عبيد الله Bه . ( فلتة ) فجأة من غير تدبر ووقعت من غير مشورة من جميع من كان ينبغي أن يشاور . ( غوغاءهم ) السفلة المتسرعون إلى الشر وهو في الأصل صغار الجراد حين يبدأ بالطيران .
( يغلبون على قربك ) يمنعون أصحاب الرأي من الناس أن يكونوا في المكان القريب منك عند قيامك للخطبة ويكونون هم في القرب منك لغلبتهم . ( يطيرها ) يحمل مقالتك على غير وجهها وحقيقتها .
( لا يعوها ) لا يحفظوها ولا يفهموها . ( عقب ) آخره أو بعده . ( عجلنا الرواح ) أسرعنا بالذهاب . ( زاغت ) زالت ومالت عن وسط السماء . ( أنشب ) أمكث . ( المؤذنون ) أي المؤذن الذي يؤذن بين يدي الخطيب حين يجلس على المنبر ويكون قد سكت قبله المؤذن الذي يؤذن خارج المسجد . ( لعلها بين يدي أجلي ) أي بقرب موتي . ( آية الرجم ) هي قوله تعالى فيما نسخ تلاوته وبقي حكمه [ الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما ] . ( كفر ) كفران حق ونعمة أو خروج عن الإسلام إن استحله . ( وقى شرها ) حماهم وحفظهم من شر العجلة فيها . ( من تقطع الأعناق إليه ) أي أعناق الإبل من كثرة السير والمعنى ليس فيكم مثل أبي بكر Bه في الفضل ولذلك مضت خلافته - على ما كان في بيعته من عجلة - بخير وسلامة فلا يطمعن أحد منكم في مثل ذلك . ( تغرة أن يقتلا ) تغرة مصدر غرر بنفسه تغريرا وتغرة إذا عرضها للهلاك أي خوفا من أن يقتل المبايع والمتابع .
( قد كان من خبرنا . . ) أي حين اجتمعنا في منزل رسول الله A ولم يجتمع الأنصار . وفي نسخة ( من خيرنا ) أي أبو بكر Bه . ( أن الأنصار ) في نسخة ( ألا إن الأنصار ) . ( تمالأ ) اتفق . ( رجلان ) هما عويم بن ساعدة ومعن بن عدي Bهما .
( اقضوا أمركم ) افصلوا في أمركم واختياركم لخليفتكم . ( مزمل ) ملتف في ثوب . ( يوعك ) تصيبه الحمى . ( تشهد ) قال كلمة الشهادة . ( خطيبهم ) قيل كان ثابت بن قيس بن شماس . ( كتيبة الإسلام ) الكتيبة هي الجيش المجتمع الذي لا ينتشر والمراد أنهم أكثر المسلمين ومجتمع الإسلام . ( رهط ) نفر يسير بمنزلة الرهط وهو ما دون العشرة من الرجال . ( دفت دافة ) جاء عدد قليل والدافة الرفقة يسيرون سيرا لينا والمعنى إنكم قوم غرباء مطرودون أقبلتم من مكة إلينا . ( أن يختزلونا ) أن يقتطعونا عن الأمر وينفردوا به دوننا . ( يحضنونا ) يخرجونا من الإمارة والحكم ويستأثروا به علينا . ( زورت ) من التزوير وهو التحسين والتزيين . ( أداري منه بعض الحد ) أدفع عنه بعض ما يعتريه من الغضب ونحوه . ( على رسلك ) اتئد واستعمل الرفق . ( أوقر ) أكثر وقارا وهو الرزانة عند الطلب والتأني في الأمور . ( بديهته ) هي سداد الرأي عند المفاجأة والمعرفة يجدها الإنسان في نفسه من غير إعمال للفكر ولا علم بأسبابها . ( يعرف هذا الأمر ) الخلافة . ( غيرها ) أي ما كرهت إلا قوله وإشارته إلي . ( تسول ) تزين .
( جذيلها المحكك ) أصله عود ينصب في العطن لتحتك به الإبل الجربى أي أنا ممن يستشفى برأيه كما تستشفي الإبل الجربى بالاحتكاك به .
( عذيقها المرجب ) هو القنو العظيم من النخيل . والقنو الغصن والمراد أنه داهية عالم في الأمور . ( اللغط ) الصوت والضجيج . ( فرقت ) خشيت .
( نزونا ) وثبنا عليه . ( قتلتم سعد بن عبادة ) خذلتموه وأعرضتم عنه واحتسبتموه في عداد القتلى . ( قتل الله سعد بن عبادة ) القائل هو عمر Bه . والمعنى إن الله تعالى هو الذي قدر خذلانه وعدم صيرورته خليفة أو هو دعاء عليه لأن موقفه كان ربما أحدث فرقة في المسلمين ]