[ 30 ] حرمة الفعل المتجرى به وعدمها واما المقام الثالث: فقد مر ان الكلام فيه في جهتين. الاولى: في حرمته بنفس الملاك للحرام الواقعي، بان يقال ان اطلاق الادلة الاولية شامل لموارد التجرى، وان متعلق التكليف في الخطابات الاولية انما هو ارادة الفعل الخارجي المحرز كونه ذلك الفعل من دون دخل لمصادفته ومخالفته، ويكون الموضوعات هي الوجودات العلمية، لا الموجودات الواقعية فمعنى لا تشرب الخمر لا تشرب ما قطعت بكونه خمرا. ويستدل له بما هو مركب من مقدمات، الاولى ان متعلق التكليف لا بد وان يكون مقدورا للمكلف فما هو خارج عن تحت قدرته لا محالة يكون مفروض الوجود ولا يتعلق به الحكم، وعليه فموضوعات الاحكام ومتعلقاتها خارجة عن حيز التكليف، فلو ورد لا تشرب الخمر، تكون خمرية الخمر خارجة عن حيز الخطاب ومفروضة الوجود في هذا الخطاب. الثانية: ان المحرك للارادة و الاختيار، انما هو القطع والانكشاف من دون دخل للمصادفة للواقع وعدمها فيه اصلا، الا ترى ان القاطع بوجود الاسد يفر وان لم يكن هناك اسد، وجود الاسد، لا يوجب الحركة نحو الفرار ما لم يقطع به. فما، افاده المحقق النائيني (ره) من ان المحرك هو العلم بالموجود الخارجي بما انه طريق إليه، - وبعبارة اخرى - الموجود الخارجي لكن لا مطلقا بل بعد الانكشاف غير تام. الثالثة: ان متعلق الارادة التشريعية هي الارادة التكوينية، إذا الغرض مترتب على الفعل الاختياري، لا الاضطراري، فالفعل في نفسه من حيث هو لا غرض فيه بل الغرض مترتب على اختيار الفعل، إذا عرفت هذه الامور تعرف ان متعلق التكليف انما هو اختيار ما تعلق القطع بانطباق الموضوع، أو المتعلق عليه فعلا أو تركا، صادف الواقع قطعه ام خالفه. واجاب عنه المحقق النائيني (ره) بان المقدمة الثالثة، غير تامة: إذ الارادة تكون مغفولا عنها حين الفعل ولا يلتفت الفاعل إليها، فلا تصلح لان يتعلق بها التكليف. ________________________________________