[ 23 ] نظرا الى ان ردع النفوس عن فعل ما فيه المفسدة وترك ما فيه المفسدة وترك ما فيه المصلحة واجب بقاعدة اللطف، فالمتجرى لا يستحق العقاب لان ما فيه المفسدة ذات شرب الخمر لا ما اعتقد انه شرب الخمر، وان قلنا انه انما يكون بحكم العقل كما هو المشهور، فالمتجرى يستحقه لاتحاد الملاك فيه مع المعصية الواقعية: لان العقاب على المعصية ليس لاجل ذات المخالفة مع التكليف، ولا لاجل تفويت غرض المولى، ولا لاجل ارتكاب المبغوض بما هو لوجود الكل في صورة الجهل، بل لكونها هتكا لحرمة المولى وجرئة عليه، وعدم العمل بما يقتضيه قانون العبودية والمولوية إذ بها يخرج العبد عن ذى الرقية ورسم العبودية إذ مقتضى ذلك تعظيم المولى لا هتك حرمته، والهتك يوجب الدخول في زمرة في المتجرى. وقد افاد المحقق النائيني (ره) ردا على هذا الوجه بانه مركب من امرين. الاول: كون العلم تمام الموضوع في المستقلات العقلية خصوصا في باب الاطاعة والمعصية حيث ان الارادة الواقعية لا اثر لها عند العقل ولا يمكن ان تكون محركة لعضلات العبد الا بالوجود العلمي والوصول. الثاني: كون المناط في استحقاق العقاب هو القبح الفاعلى ولا اثر للقبح الفعلى المجرد عن ذلك. وكل منهما قابل للمنع، اما الاول: فلان العلم وان كان له دخل في المستقلات العقلية، الا ان العلم غير المصادف للواقع ليس علما بل هو جهل، واعتبار هذا العلم في موضوع هذا الحكم العقلي انما هو من جهة ان الارادة الواقعية غير قابلة لتحريك ارادة الفاعل، بل المحرك هو انكشاف الارادة، وفى المقام الارادة الواقعية لم تصل الى الفاعل، بل هو تخيل الارادة فلا عبرة به في نظر العقل، وعلى الجملة ان الموجب للعقاب هو مخالفة تكليف المولى الواصل الى العبد، واين هذا مما لم يكن في الواقع تكليف، وكان من تخيل التكليف. واما الامر الثاني: فلان مناط استحقاق العقاب عند العقل، وان كان هو القبح الفاعلى، الا ان له قسمين. احدهما: ما يتولد من القبح الفعلى الذى يكون احرازه موجبا ________________________________________