[ 23 ] والنهار، فهو بديهى الفساد. إذ لا ريب في انه مع الجهل باللغة لا ينتقل الذهن الى المعنى من تصوير اللفظ. وان كان المراد، ثبوت المناسبة الذاتية بين كل لفظ ومعناه، وان كانت تلك المناسبة بنحو لا يلتفت إليها الواضع حين الوضع، وهو وان لم يكن مستحيلا، الا انه لابد من اقامة البرهان عليه، والاستدلال له: بانه بما ان نسبة جميع الالفاظ الى كل معنى من المعاني على حد سواء فوضع لفظ خاص لمعنى مخصوص من دون تلك المناسبة، ترجيح بلا مرجح، وهو محال، فلابد من الالتزام بثبوتها، فاسد. لعدم استحالة الترجيح بلا مرجح، كما حقق في محله، لا سيما إذا كان هناك مرجح لاختيار الطبيعي الجامع بين الافراد، فانه في هذه الصورة لا قبح فيه ايضا - وسياتى الكلام في ذلك في مبحث الطلب والارادة - مع ان المرجح يمكن ان يكون امرا خارجيا، كمن يسمى ولده (رضا) لكونه متولدا في يوم تولد اما منا الرضا (ع) مثلا، مضافا الى ان الالتزام بذلك، غير مربوط بالمدعى، وهو كون العلقة امرا واقعيا، واما يكون ذلك التزاما بان منشأها امرا حقيقيا فتحصل عدم كون دلالة الالفاظ على معانيها ذاتية محضة. وقد يدعى كما عن المحقق النائيني (ره) بان الوضع وسط بين الواقعيات والجعليات. وحاصل ما ذكره: انه بعد ما نقطع بحسب التواريخ انه ليس هناك شخص أو جماعة وضعوا الالفاظ للمعانى، ونرى عدم كون الدلالة ذاتية، لا محيص عن الالتزام بان الواضع هو الله تعالى ليس جعل لكل معنى لفظا خاصا لما بينهما مناسبة مجهولة عندنا، وهذا الجعل منه تعالى ليس جعلا تكوينيا كحدوث العطش عند احتياج المعدة الى الماء، ولا جعل تشريعيا كجعل الاحكام المحتاج ايصالها الى ارسال الرسل، بل يكون وسطا بينهما، ويلهم الله تبارك وتعالى عباده على اختلافهم بالتكلم بلفظ مخصوص عند ارادة معنى خاص، فحقيقة الوضع هو الوضع هو التخصيص والجعل الالهى. ويرد عليه - مضافا الى ان لازم ما ذكره عدم كونه امرا واقعيا بل جعلنا غاية الامر طريق ايصاله غير طريق ايصال ساير المجعولات الشرعية وذلك لا يخرجه عن كونه جعليا، هذا البرهان مؤلف من امرين: الاول عدم امكان كون الواضع هو البشر: لاستحالة احداث شخص أو اشخاص الفاظ جديدة بقدر الفاظ أي لغة، أو تعذره، بل ________________________________________