[ 394 ] وعلى هذا فالعام لا يعارض مع مجموع الخاصين لعدم كونهما معا طرف المعارضة، وليس دليلهما واحدا بل هو امر انتزاعي منهما. وكذا لا يعارض مع كلا الخاصين لان احدهما يكون قرينة على العام وهو في دلالته على العموم لا يصلح ان يعارض مع الخاص، فطرف المعارضة احد الخاصين - وبعبارة اخرى - العام بعد كونه ذا دلالتين، الدلالة على فرد ما، والدلالة على الجميع، فبعد ورود الخاصين حيث انه يكون احدهما قرينة عليه فيسقط دلالته على العموم، وتبقى الدلالة الاولى ومعارضته في هذه الدلالة انما تكون مع احدهما لا كليهما، وان شئت قلت، ان العام انما يكذب احد الخاصين لا كليهما، غاية الامر احدهما غير المعين، وكل من الخاصين ايضا يكذب الآخر والعام، فتكون حال هذه الادلة حال البينات الثلاث، القائمة كل واحدة منها على طهارة احد الانائات الثلاثة المعلوم نجاسة احدها، في ان التعارض انما يكون بين الجميع فلا بد من ملاحظة النسبة بين الجميع. فحينئذ ان لم يكن لاحدها مرجح يتخير بينها وايها شاء يطرح. واما ان كان هناك ترجيح فان كان الترجيح لكل من الخاصين يقدمان ويطرح العام. وان كان الترجيح للعام وكان الخاصان متساويين يؤخذ بالعام ويتخير بين الخاصين، فيطرح ايهما شاء، ويخصص العام بالآخر. وان كان للعام مرجح عليهما ولاحدهما مرجح على الآخر يقدم العام وذاك الخاص ويطرح المرجوح. ثم ان الفرق بين ما اخترناه وما ذهب إليه الاساطين، انه إذا كان للعام مرجح على احد الخاصين، وكان للخاص الآخر مرجح على العام، يكون الحكم على القول الاول التخيير، لان مجموع الخاصين الذى هو طرف المعارضة يكون مركبا من الاضعف والاقوى، فلا يكون اضعف ولا اقوى. واما على المختار يقدم العام على الخاص المرجوح والخاص الراجح يقدم على العام. ________________________________________