[ 358 ] العرف متحيرا في المراد، بعد فرض صدور كليهما - اولى من طرح احدهما والتخيير بينهما. وأما فيما إذا كان متحيرا على فرض الصدور، فلا دليل على الجمع، ولا يصح. وعلى هذا لابد من التكلم فيما إذا تعارض الخبران ولم يمكن الجمع بينهما عرفا على نحو ما ذكرنا. والكلام فيه يقع في مقامين: (الاول) فيما إذا كان الخبران متكافئين، ولا مرجح لاحدهما على الآخر. (الثاني) فيما إذا كان لاحدهما مرجح على الآخر. أما الكلام في المقام الاول، فيقع في مقامين ايضا (احدهما) - فيما تقتضيه القاعدة، مع قطع النظر عن الاخبار الواردة في الباب. والثانى فيما تقتضيه الاخبار. أما الكلام في الخبرين المتكافئين على حسب ما تقتضيه القاعدة، فمحصله أن حجية الخبر إما أن تكون من باب السببية، وإما من باب الطريقية، فان قلنا بالثاني، فمقتضى القاعدة التوقف فيما يختص كل من الخبرين به من المضمون، والاخذ بما يشتركان فيه. مثلا لو قام دليل على وجوب صلاة الظهر، ودليل آخر على وجوب صلاة الجمعة، فمقتضى القاعدة التوقف في الحكم الخاص المدلول لكل منهما بالخصوص، والحكم بثبوت احد المدلولين واقعا. وفائدته نفى الثالث، فهنا دعويان: احداهما - لزوم التوقف في المدلول المختص لكل منهما. والثانية - لزوم الحكم باحد المدلولين اللازم منه نفى الثالث. والدليل على الاولى منهما أمران (احدهما) بناء العرف والعقلاء، فانا نراهم متوقفين عند تعارض طرقهم المعمول بها عندهم، فان من اراد الذهاب الى بغداد مثلا، واختلف قول الثقات في تعيين الطريق إليه، يتوقف عند ذلك، حتى يتبين له الامر. وهذا واضح من طريقتهم. (الثاني) - أنه قد تحقق أن فائدة سلوك الطرق المجعولة هو تنجيز الواقع فيما لو كان هناك واقع مطابق لمؤداها، واسقاطه فيما لو كان هناك واقع على خلاف ________________________________________