[ 13 ] الطريقية مثلا يعرض في حلقة ابتدائية عرضا ساذجا بدون تعميق ثم يعمق في حلقة لاحقة، فيعرض على نحو يميز فيه بين التنزيل والاعتبار، وقد يعرض في حلقة اخرى حينئذ على نحو المقارنة بين هذين النحوين في النتائج والآثار. المبرر الثاني: ان الكتب الاربعة السالفة الذكر - على الرغم من انها استعملت ككتب دراسية منذ اكثر من خمسين عاما - لم تؤلف من قبل اصحابها لهذا الهدف، وانما ألفت لكي تعبر عن آراء المؤلف وافكاره في المسائل الاصولية المختلفة، وفرق كبير بين كتاب يضعه مؤلفه لكي يكون كتابا دراسيا وكتاب يؤلفه ليعبر فيه عن أعمق وأرسخ ما وصل إليه من افكار وتحقيقات، لان المؤلف في الحالة الاولى يضع نصب عينيه الطالب المبتدئ الذي يسير خطوة فخطوة في طريق التعرف على كنوز هذا العلم واسراره، واما في الحالة الثانية فيضع المؤلف في تصوره شخصا نظيرا له مكتملا من الناحية العلمية ويحاول ان يشرح له وجهة نظره ويقنعه بها بقدر ما يتاح من وسائل الاقناع العلمي. ومن الواضح ان كتابا يوضع بهذا الاعتبار لا يصلح ان يكون كتابا دراسيا مهما كانت قيمته العلمية وابداعه الفكري، ومن اجل ذلك كانت الكتب الدراسية المتقدمة الذكر غير صالحة للقيام بهذا الدور على جلالة قدرها العلمي لانها ألفت للعلماء والناجزين لا للمبتدئين والسائرين. فمن هنا لم يحرص في هذه الكتب وامثالها من الكتب العلمية المؤلفة للعلماء على ابراز كل خطوات الاستدلال وحلقات التفكير في المسألة الواحدة، فقد تحذف بعض الحلقات في الاثناء أو البداية لوضوحها لدى العالم، غير ان الصورة حينئذ تصبح غير واضحة في ذهن الطالب وعلى سبيل المثال لتوضيح الفكرة نذكر انه بحث في التعبدي والتوصلي عن استحالة اخذ قصد الامتثال في متعلق الامر، وفرع عليه ان التعبدي لا يتميز عن التوصلي في مرحلة الامر بل في مرحلة الغرض إذ لا يستوفى غرضه إلا بقصد الامتثال، واستنتج من ذلك عدم امكان التمسك باطلاق الامر لاثبات ________________________________________