[ 12 ] فالطالب لكي يتسلل من كتب السطح إلى درس الخارج كأنه يكلف بطفرة وبأن يقطع في لحظة مسافة لم يقطعها علم الاصول خلال تطوره التدريجي إلا في مائة عام. وكأن اختيار الكتب الدراسية من مراحل مختلفة للفكر الاصولي نشأ من الشعور بلزوم التدرج في الكتب الدراسية من الابسط إلى الاعمق، ولما كان علم الاصول في وضعه على عهد صاحب المعالم أبسط منه في عهد صاحب القوانين. وفي هذا العهد أبسط منه في عهد الرسائل والكفاية، فقد لوحظ ان هذا يحقق التدرج المطلوب إذا جعل الكتاب الدراسي الاول نتاج مرحلة قديمة من علم الاصول وما يتلوه نتاج مرحلة متأخرة وهكذا. وهذا الشعور يشتمل على حقيقة وعلى خطأ. اما الحقيقة فهي لزوم التدرج في الكتب الدراسية من الابسط إلى الاعمق، واما الخطأ فهو ان هذا التدرج لا ينبغي ان يكون منتزعا من تاريخ علم الاصول ومعبرا عما مر به هذا العلم نفسه من تدرج خلال نموه، لان هذا يكلف الطالب ان يصرف وقتا كثيرا في مطالب وافكار لم يعد لها موضع في العلم بحسب وضعه الفعلي، وانما الوضع الصحيح في الكتب الدراسية الذي يشتمل على التدرج المطلوب هو ان تتجه هذه الكتب جميعا على اختلاف مراحلها الدراسية لعرض آخر ما وصل إليه العلم من افكار وتحقيقات ومصطلحات، ولكن بدرجات من العرض تختلف من ناحية الكم أو الكيف أو من الناحيتين معا، والاختلاف في الكم يعني التفاوت في المقدار المعطى من الافكار، فبدلا عن استعراض خمسة اعتراضات على الاستدلال بآية النبأ مثلا يبدأ في الحلقة الاولى باعتراض أو اعتراضين ثم يستعرض عدد اكبر من الاعتراضات في حلقة تالية، والاختلاف في الكيف يعني التفاوت في درجة عمق ما يطرح من فكرة، فحينما يراد الحديث عن مسلك جعل ________________________________________