[ 276 ] 4 - ان يكون النهي عن نقض اليقين كناية عن لزوم العمل بالمتيقن واجراء احكامه، لان ذلك لازم معناه، باعتبار ان اليقين بالشئ مقتض للعمل به، فحله يلازم رفع اليد عن ذلك الشئ أو عن حكمه، إذ لا يبقى حينئذ ما يقتضي العمل به، فالنهي عن حله يلزمه النهي عن ترك مقتضاه، اعني النهي عن ترك العمل بمتعلقه. وقد عرفت في (المقدمة الاولى) وفي مناقشة الشيخ بعد إرادة الوجهين الاولين، فيدور الامر بين الثالث والرابع، والرابع هو الاوجه والاقرب، ولعله هو مراد الشيخ الاعظم، وان كان الذي يبدو من بعض تعبيراته ارادة الوجه الاول الذي استبعد شيخنا المحقق النائيني ان يكون مقصوده ذلك كما تقدم. اما هو - اعني شيخنا النائيني - فلم يصرح بارادة أي من الوجهين الآخرين، والانسب في عبارة بعض المقررين لبحثه ارادة الوجه الثالث إذ قال: (انه يصح ورود النقض على اليقين بعناية المتيقن). وعلى كل حال فالوجه الرابع اعني الاستعمال الكنائي أقرب الوجوه واولاها، وفيه من البلاغة في البيان ما ليس في غيره، كما ان فيه المحافظة على ظهور الاخبار وسياقها في اسناد النقض إلى نفس اليقين، وقد استظهرنا منها كما تقدم في المقدمة الاولى ان وثاقة اليقين بما هو يقين هي المقتضية للتمسك به. وفي الكناية - كما هو المعروف - بيان للمراد مع اقامة الدليل عليه، فان المراد الاستعمالي هنا الذي هو حرمة نقض اليقين بالشك يكون كالدليل والمستند للمراد الجدي المقصود الاصلي في البيان، والمراد الجدي هو لزوم العمل على وفق المتيقن بلسان النهي عن نقض اليقين. (ثالثا) - بعد ما تقدم ان نسأل عن المراد من النقض في الاخبار هل المراد النقض الحقيقي أو النقض العملي ؟ المعروف ان ارادة النقض الحقيقي محال فلا بد أن يراد النقض العملي، لان نقض اليقين - كما تقدم - ليس تحت اختيار المكلف فلا يصح النهي عنه. وعلى هذا بنى الشيخ الاعظم وصاحب الكفاية وغيرهما. ولكن التدقيق في المسألة يعطي غير هذا: انما يلزم هذا المحذور لو كان النهي عن نقض اليقين مرادا جديدا، اما على ما ذكرناه من أنه على وجه الكناية، فانه - كما ذكرنا - يكون مرادا استعماليا فقط، ولا محذور في كون المراد الاستعمالي - في الكناية - محالا أو كاذبا في نفسه، انما المحذور إذا كان المراد الجدي المكنى عنه كذلك. ________________________________________